بالأحكام عن أدلتها التفصيلية، وهو من البديهيات.
وربما يستدل له: بأنا لا ننكر الاجتهاد، إلا بمعنى: أن العمل بالأدلة والأحاديث يتوقف على الملكة المذكورة، إذ ظاهر: أن هذه الأحاديث والاخبار، كان يعمل بها في عصر الأئمة عليهم السلام، كل من سمعها من الشيعة من العوام والعلماء، وإنكار ذلك مكابرة، ولم ينقل عن أحد من الأئمة عليهم السلام الانكار على أحد من الشيعة، وهذا مما يوجب القطع بجواز العمل بها لكل من فهمها، من غير توقف على أمر آخر.
وجوابه: أنك قد عرفت وجه الاحتياج إلى الشرائط المذكورة، في هذه الاعصار دون عصر الأئمة عليهم السلام، وعرفت: أن الاحتياج إلى الملكة المذكورة إنما هو للعمل باللوازم غير البينة اللزوم، وبالأفراد غير البينة الفردية، ونحو ذلك، لا للعمل بمناطيق الاخبار ومدلولاتها الصريحة، والذي هو معلوم من حال السلف، هو عملهم بهذه الاخبار ومدلولاتها الصريحة. وأما العمل باللوازم، والافراد غير البينة، فلا يعلم من حالهم العمل بها بدون الملكة بل هو بديهي البطلان.
فإن قلت: فعلى ما ذكرت يلزم الاستغناء عن الملكة لعمل بالمدلولات الصريحة للاخبار، ولو كان لها معارض، وقد مر خلافه.
قلت: المعلوم من حال السلف، العمل بما سمعوه من الاخبار المعتمدة من غير الفحص عن المعارض، ولا يلزم منه الاستغناء عن الملكة بعد الاطلاع على المعارض. وسيجئ لهذا زيادة بيان في بحث التراجيح إن شاء الله تعالى.
فإن قلت: لا يجوز العمل إلا بالمدلولات الصريحة، لان اللوازم، والافراد غير البينة:
إن كانت ظنية: فلا يجوز العمل بها للأدلة الدالة على النهي عن العمل بالظن، ولقوله عليه السلام: " ما تعلمون فقولوا، وما لا تعلمون فها، وأهوى