جميع ما يستفاد منها مرتبة القطع، وهو في غاية الظهور.
وأيضا: شنع المذكور (1) على أكثر فقهائنا قدس الله أرواحهم، بأنهم كانوا يفتون بمجرد آرائهم من غير دليل (2).
وأنت قد عرفت: أن كثيرا من الاحكام من قبيل اللوازم (3) غير البينة إلا بالتأمل والدليل، ومن قبيل الجزئيات والافراد غير البينة الفردية، ونحو ذلك.
ولما كان العلم باندراج هذه الفروع في أصولها، يحتاج إلى طبيعة وقادة، وقريحة نقادة (4)، تحصل للبعض دون البعض - لا يحسن لمن لا تحصل له، الطعن على من حصلت فيه بأنه أفتى في الحكم الفلاني من غير دليل.
مثلا: ربما يتوهم أن القول بوجوب القصد بالبسملة إلى سورة معينة في الصلاة، قول بالحكم الشرعي من غير دليل، إذ لا نص يدل على ذلك الوجوب.
وهو باطل، لان من قال به، يقول: إنه قد وردت النصوص بوجوب قراءة سورة كاملة، ولا تتحقق السورة الكاملة إلا مع القصد المذكور، لان البسملة لما كانت مشتركة، لا تصير جزءا إلا بالقصد.
والغرض: أن فتاوى الفقهاء كلها راجعة إلى أحد من الأدلة التي هي واجبة الاتباع عندهم، ولا أقول بامتناع الغلط والخطأ عليهم، إذ غير المعصوم لا ينفك عن السهو والخطأ، إذ أحد من العقلاء لم يجوز القول في الأحكام الشرعية من غير دليل، ومعلوم: أن أدلة الشرع منحصرة - عند فقهاء الشيعة كلهم، كما صرحوا به في جميع كتبهم الأصولية - في: القرآن، والحديث الصحيح، والاجماع الذي علم دخول المعصوم فيه، والدلالة العقلية التي قد