بيان الملازمة: أن هذه الملكة أمر موهبي من الله تعالى، لا يمكن اكتسابه، وإن أمكن تقويته في الجملة بالكسب، فإنا نرى جماعة لا يمكنهم تحصيل مسائل لها عراقة في النظرية في الجملة، وإن صرفوا أعمارهم في تحصيلها، بل نشاهد جماعة لا يمكنهم إلا تحصيل قليل من النظريات بعد الكد التام والسعي البليغ، فعلم أن هذه الملكة مما لا تحقق لها في أكثر الناس، فلم يكن الاجتهاد واجبا عليهم، وإلا لزم التكليف بما لا يطاق.
وأما بطلان التالي: فلأنهم بين قائل بوجوبه العيني، كما نقله الشهيد في الذكرى عن قدماء أصحابنا وفقهاء حلب (1)، وبين قائل بوجوبه الكفائي، ومن خواص الواجب الكفائي إثم الكل بتركه.
لا يقال: الاجتهاد ليس واجبا كفائيا بالنسبة إلى المكلفين، بل بالنسبة إلى صاحبي الملكة، فعلى تقدير انتفائه لا يلزم إلا إثم صاحبي الملكة المذكورة.
لأنا نقول: شرط التكليف إعلام المكلف، وقبل (2) الاجتهاد لا يتميز صاحب الملكة عن غيره، فلا يعلم أحد أنه مكلف بالاجتهاد (3)، لعدم علمه بأنه صاحب الملكة.
وأيضا: يلزم تأثيم (غير المعين) وإنه غير معقول، كما صرحوا به في تحقيق الواجب الكفائي.
وأيضا: هذا الجواب خلاف ما صرحوا به من تأثيم الكل بترك الاجتهاد.
والجواب الحق عن كلا البحثين: أنا ما ادعينا اعتبار الملكة المذكورة في مطلق المجتهد بل اعتبرناها في المجتهد المطلق، لما عرفت أن العلم بمعاني الأدلة