ومثل هذه المسائل المحتاج إليها أكثر من أن يحصى.
وإن أراد الثاني - أي: عدم الاحتياج لاستعلام مثل هذه المسائل إلى الملكة المذكورة - فبطلانه من أجلى البديهيات، لأنا لا نعني بالملكة إلا حالة بها يتمكن من ترجيح أحد طرفي هذه المسائل، فلا يتصور العلم بالنفي أو الاثبات في هذه المسائل إلا بالملكة، فعلم أن الدليل على الاستغناء في هذه الأقسام شبهة في مقابل الامر القطعي.
وتفصيل الجواب عن الاعتراض الأول: منع استلزام اعتبار الملكة المذكورة في الاجتهاد المطلق، عدم العلم بوجود المجتهد:
أما في الاجتهاد والعلم بالأحكام التي هي من قبيل القسم الأول من القسمين المذكورين: فظاهر، لأنا لم نعتبرها فيه.
وأما في القسم الثاني: فلان الاطلاع على هذه الملكة ليس بمتعذر، بل ولا بمتعسر غاية التعسر، بل يمكن:
بالمعاشرة.
وبإخبار الجماعة.
وبشهادة العدلين المطلعين على قوله (1).
وبنصب نفسه متعرضا للفتوى بمجمع خلق كثير - على ما قيل.
وبعرض ترجيحاته المخترعة على ترجيحات من هو معلوم أنه صاحب الملكة.
وبنحو ذلك، كما سيجئ إن شاء الله في مسألة على حدة.
وعدم انضباط الملكة المذكورة - بمعنى: أن لها مراتب مختلفة - لا يوجب عدم العلم بها، لان المراد بها: حالة يتمكن بها من رد الفروع إلى الأصول، بحيث لا يقع الغلط منه غالبا، ولها مراتب كثيرة، المتصف بكل منها ممن يتعلق