مع أنه: يمكن أن تكون العلة في المجتهد المطلق، هي: قدرته على استنباط المسائل كلها، فإن القوة الكاملة أبعد عن احتمال الخطأ من الناقصة.
قلت: البديهة تحكم بالمساواة حينئذ، بمعنى: أن كل ما دل على جواز اعتماد المجتهد المطلق على ظنه، دل على الجواز في المتجزي أيضا، كما سيجئ في آخر هذا البحث.
وقوله بأن قوة الأول كاملة دون الثاني:
إن أراد ب (الكمال) الشمول والعموم، فالعقل يحكم بأنه لا يصلح للعلية، إذ العلة يجب أن تكون مناسبة، وظاهر أن الظن بأن المتعة (1) مثلا ترث أو لا ترث؟ أو الرضاع الناشر للحرمة خمس عشرة أو عشر؟ - لا دخل له في جواز الاعتماد على الظن بوجوب السورة مثلا في الصلاة، والمنكر مكابر مقتضى عقله.
وإن أراد أن ظن العالم بالكل بوجوب السورة مثلا، يكون أقوى من ظن المتجزي بوجوب السورة، وإن اطلع على جميع أدلة وجوب السورة - فهذا مجرد دعوى يحكم أول النظر ببطلانها.
الثاني: أن التقليد مذموم، وخلاف الأصل أيضا، فإن الأصل عدم وجوب اتباع غير المعصوم، خرج عنه العامي الصرف، لدليل على وجوب التقليد في حقه، فيبقى المتجزي والمطلق، لعدم المخرج في حقهما.
فإن قلت: نحن نقلب هذا الدليل في المتجزي، فنقول: اتباع الظن مذموم، بل وخلاف الأصل أيضا، إذ الأصل عدم وجوب اتباع غير القطع، خرج عنه المجتهد المطلق، لدليل أخرجه، فبقي المتجزي، لعدم المخرج فيه.
قلت: المخرج فيه متحقق، فإنه ليس له بد من اتباع الظن: إما الظن