فان قلت: يجوز أن يقلد في جواز التقليد.
قلت: الأدلة الدالة على ذم التقليد مطلقا، وفي الأصول خاصة - لكثرتها - غير قابلة للتأويل، فإذا كان صحة تقليده مبنيا على صحة التقليد في الأصول كاد أن يحصل القطع ببطلانه، وعلى تقدير التسليم، والقول بصحة تقليده في الأصول، فيجوز حينئذ (1) له العمل بظنه في الفروع، بعد اعتقاده الحاصل من التقليد في جواز اعتماده على ظنه.
وقوله: " إنه خلاف الفرض (2) ومستبعد، للزوم الواسطة " - لا يخفى ما فيه، فإنه على تقدير جواز التقليد في الأصول، لا يتصور ههنا مانع للعمل بظنه، بعد تقليده في مسألة التجزي والله يعلم.
ثم لا يخفى: أن حصول ملكة العلم بكل الاحكام الواقعية للمجتهد ممتنع عندنا، لان الأئمة عليهم السلام لم يتمكنوا من إظهار كل الاحكام، نعم يمكن العلم بالأحكام الظاهرية المتعلقة بعمله في نفسه.
بل الظاهر: أن القول بنفي التجزي إنما هو على طريقة جمع من العامة القائلين بأن النبي صلى الله عليه وآله أظهر جميع الأحكام بين يدي أصحابه، وتوفر الدواعي على نقله، فما لم يوجد فيه مدرك، فعدم المدرك فيه، مدرك لعدم الحكم فيه في الواقع، فحكمه التخيير، وقد عرفت بطلانه عندنا، فإن الأئمة عليهم السلام، كثيرا ما يتقون على أنفسهم وعلى أصحابهم في بيان الاحكام، بل ربما يحكمون على شخص معين بحكم معين، لمدخلية بعض خصوصيات ذلك الشخص في ذلك الحكم كما روى ابن بابويه في الفقيه، في أواخر باب (ما يجوز للمحرم إتيانه وما لا يجوز) عن خالد بياع القلانس، أنه قال: " سألت أبا