أي لين جانبك لهم مستعار من حال الطائر فإنه إذا أراد أن ينحط خفض جناحه ومن للتبيين لأن من اتبع أعم ممن اتبع لدين أو غيره أو للتبعيض على أن المراد بالمؤمنين المشارفون للإيمان أو المصدقون باللسان فحسب «فإن عصوك» ولم يتبعوك «فقل إني بريء مما تعملون» أي مما تعملون أو من أعمالكم «وتوكل على العزيز الرحيم» الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر أوليائه يكفك شر من يعصيك منهم ومن غيرهم وقرئ فتوكل على أنه بدل من جواب الشرط «الذي يراك حين تقوم» أي إلى التهجد «وتقلبك في الساجدين» وترددك في تصفح أحوال المتهجدين كما روى أنه لما نسخ فرض قيام الليل طاف صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ببيوت أصحابه لينظر ما يصنعون حرصا على كثرة طاعتهم فوجدها كبيوت الزنابير لما سمع منها من دندنتهم بذكر الله تعالى والتلاوة أو تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم وإنما وصف الله تعالى ذاته بعلمه بحاله صلى الله عليه وسلم التي بها يستأهل ولايته بعد أن عبر عنه بما ينبئ عن قهر أعدائه ونصر أوليائه من وصفي العزيز الرحيم تحقيقا للتوكل وتوطينا لقلبه عليه «إنه هو السميع» لما تقوله «العليم» بما تنويه وتعلمه «هل أنبئكم على من تنزل الشياطين» أي تتنزل بحذف إحدى التامين وهو استئناف مسوق لبيان استحالة تنزل الشياطين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بيان امتناع تنزلهم بالقرآن ودخول حرف الجر على من الاستفهامية لما أنها ليست موضوعة للاستفهام بل الأصل أمن فحذف حرف الاستفهام واستمر الاستعمال على حذفه كما حذف من هل والأصل أهل وقوله تعالى «تنزل على كل أفاك أثيم» قصر لتنزلهم على كل من اتصف بالإفك الكثير والإثم الكبير من الكهنة والمتنبئة وتخصيص له بهم بحيث لا يتخطاهم إلى غيرهم وحيث كانت ساحة رسول الله صلى الله عليه وسلم منزهة عن أن يحوم حولها شائبة شيء من تلك الأوصاف اتضح استحالة تنزلهم عليه صلى الله عليه وسلم «يلقون» أي الأفاكون «السمع»
(٢٦٨)