تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٠٨
المتصدق بها «ولا دماؤها» المهراقة بالنحر من حيث إنها لحوم ودماء «ولكن يناله التقوى منكم» ولكن يصيبه تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى الامتثال بأمره تعالى وتعظيمه والتقرب إليه والإخلاص له وقيل كان أهل الجاهلية يلطخون الكعبة بدماء قرابينهم فهم به المسلمون فنزلت «كذلك سخرها لكم» تكرير للتذكر والتعليل بقوله تعالى «لتكبروا الله» أي لتعرفوا عظمته باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره فتوحدوه بالكبرياء وقيل هو التكبير عند الإحلال أو الذبح «على ما هداكم» أي أرشدكم إلى طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها وما مصدرية أو موصولة أي على هدايته إياكم أو على ما هداكم إليه وعلى متعلقة بتكبروا لتضمنه معنى الشكر «وبشر المحسنين» أي المخلصين في كل ما يأنون وما يذرون في أمور دينهم «إن الله يدافع عن الذين آمنوا» كلام مستأنف مسوق لتوطين قلوب المؤمنين ببيان أن الله تعالى ناصرهم على أعدائهم بحيث لا يقدرون على صدهم عن الحج ليتفرغوا إلى أداء مناسكه وتصديره بكلمة التحقيق لإبراز الاعتناء التام بمضمونه وصيغة المفاعلة إما للمبالغة أو الدلالة على تكرر الدفع فإنها قد تجرد عن وقوع الفعل المتكرر من الجانبين فيبقى تكرره كما في الممارسة أي يبالغ في دفع غائلة المشركين وضررهم الذي من جملته الصد عن سبيل الله مبالغة من يغالب فيه أو يدفعها عنهم مرة بعد أخرى حسبما تجدد منهم القصد إلى الإضرار بالمسلمين كما في قوله تعالى كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله وقرئ يدفع والمفعول محذوف وقوله تعالى «إن الله لا يحب كل خوان كفور» تعليل لما في ضمن الوعد الكريم من الوعيد للمشركين وإيذان بأن دفعهم بطريق القهر والخزي ونفى المحبة كناية عن البغض أي إن الله يبغض كل خوان في أماناته تعالى وهي أوامره ونواهيه أو في جميع الأمانات التي هي معظمها كفور لنعمته وصيغة المبالغة فيهما لبيان أنهم كذلك لا لتقييد البغض بغاية الخيانة والكفر أو للمبالغة في نفي المحبة على اعتبار النفي أو لا وإيراد معنى المبالغة ثانيا «آذن» أي رخص وقرئ على البناء للفاعل أي أذن الله تعالى «للذين يقاتلون» أي يقاتلهم المشركون والمأذون فيه محذوف لدلالة المذكور عليه فإن مقاتلة المشركين إياهم دالة على مقاتلتهم إياهم دلالة نيرة وقرئ على صيغة المبنى للفاعل أي يريدون أن يقاتلوا المشركين فيما سيأتي ويحرصون عليه فدلالته على المحذوف أظهر «بأنهم ظلموا» أي بسبب أنهم ظلموا وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم كان المشركون يؤذونهم وكانوا يأتونه صلى الله عليه وسلم بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه فيقول صلى الله عليه وسلم لم اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجروا فأنزلت وهي أول آية نزلت في القتال بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية «وإن الله على نصرهم لقدير» وعد لهم بالنصر وتأكيد لما مر من العدة الكريمة بالدفع وتصريح بان المراد به ليس مجرد تخليصهم من أيدي المشركين بل تغليبهم وإظهارهم عليهم والإخبار بقدرته تعالى على نصرهم وارد على سنن الكبرياء وتأكيده بكلمة التحقيق واللام للمزيد تحقيق مضمونه وزيادة توطين نفوس المؤمنين
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300