تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٨٨
خصومهم سواء كانوا منهم أو من غيرهم «أن يقولوا سمعنا وأطعنا» أي خصوصية هذا القول المحكى عنهم لا قولا آخر أصلا وأما قراءة النصب فمعناها إنما كان قول المؤمنين أي إنما كان قولا لهم عند الدعوة خصوصية قولهم المحكى عنهم ففيه من جعل النسبتين وأبعدهما وقوعا وحضورا في الأذهان وأحقهما بالبيان مفروغا عنها عنوانا للموضوع وإبراز ما هو بخلافها في معرض القصد الأصلي ما لا يخفى وقرئ ليحكم على بناء الفعل للمفعول مسندا إلى مصدره مجاويا لقوله تعالى إذا إذا دعوا أي ليفعل الحكم كما في قوله تعالى لقد تقطع بينكم أي وقع التقطع بينكم «وأولئك» إشارة إلى المؤمنين باعتبار صدور القول المذكور عنهم وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل أي أولئك المنعوتون 52 بما ذكر من النعت الجميل «هم المفلحون» أي هم الفائزون بكل مطلب والناجون من كل محذور «ومن يطع الله ورسوله» استئناف جئ به لتقرير مضمون ما قبله من حسن حال المؤمنين وترغيب من عداهم في الانتظام في سلكهم أي ومن يطعهما كائنا من كان فيما أمرا به من الأحكام الشرعية اللازمة والمتعدية وقيل في الفرائض والسنن والأول هو الأنسب بالمقام «ويخش الله ويتقه» بإسكان القاف المبنى على تشبيهه بكنف وقرئ بكسر القاف والهاء وبإسكان الهاء أي ويخش الله على ما مضى من ذنوبه ويتقه فيما يستقبل «فأولئك» الموصوفون بما ذكر من الطاعة والخشية والاتقاء «هم الفائزون» بالنعيم المقيم 53 لا من عداهم «وأقسموا بالله» حكاية لبعض آخر من أكاذيبهم مؤكد بالأيمان الفاجرة وقوله تعالى «جهد أيمانهم» نصب على أنه مصدر مؤكد لفعله الذي هو في حيز النصب على أنه حال من فاعل أقسموا أي أقسموا به تعالى يجهدون أيمانهم جهدا ومعنى جهد اليمين بلوغ غايتها بطريق الاستعارة من قولهم جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها وطاقتها أي جاهدين بالغين أقصى مراتب اليمين في الشدة والوكادة وقيل هو مصدر مؤكد لأقسموا أي أقسموا إقسام اجتهاد في اليمين قال مقاتل من حلف بالله فقد اجتهد في اليمين «لئن أمرتهم» أي بالخروج إلى الغزو لا عن ديارهم وأموالهم كما قيل لأنه حكاية لما كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أينما كنت نكن معك لئن خرجت خرجنا وإن أقمت أقمنا وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا وقوله تعالى «ليخرجن» جواب لأقسموا بطريق حكاية فعلهم لا حكاية قولهم وحيث كانت مقالتهم هذه كاذبة ويمينهم فاجرة أمر صلى الله عليه وسلم بردها حيث قيل «قل» أي ردا عليهم وزجرا لهم عن التفوه بها وإظهارا لعدم القبول لكونهم كاذبين فيها «لا تقسموا» أي على ما ينبئ عنه كلامكم من الطاعة وقوله تعالى «طاعة معروفة» خبر مبتدأ محذوف والجملة تعليل للنهي أي لا تقسموا على ما تدعون من الطاعة لأن طاعتكم طاعة نفاقية واقعة باللسان فقط من غير مواطأة من القلب وإنما عبر عنها بمعروفة للإيذان بأن كونها كذلك
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300