ثان لنفي الضير أي لا ضير علينا في قتلك إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا لكوننا أول المؤمنين وقرئ إن كنا على الشرط لهضم النفس وعدم الثقة بالخاتمة أو على طريقة قول المدل بأمره كقول العامل لمستأجر أخر أجرته إن كنت عملت لك فوفني حقي «وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي» وذلك بعد بضع سنين أقام بين أظهرهم يدعوهم إلى الحق ويظهر لهم الآيات فلم يزيدوا إلا عتوا وعنادا حسبما فصل في سورة الأعراف بقوله تعالى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين الآيات وقرئ بكسر النون ووصل الألف من سرى وقرئ أن سر من السير «إنكم متبعون» تعليل للأمر بالإسراء أي يتبعكم فرعون وجنوده مصبحين فأسر بمن معك حتى لا يدركوكم قبل الوصول إلى البحر فيدخلوا مداخلكم فأطبقه عليهم فأغرقهم «فأرسل فرعون» حين أخبر بمسيرهم «في المدائن حاشرين» جامعين للعساكر ليتبعوهم «إن هؤلاء» يريد بني إسرائيل «لشرذمة قليلون» استقلهم وهم ستمائة ألف وسبعون ألفا بالنسبة إلى جنوده إذ روي أنه أرسل في أثرهم ألف ألف وخمسمأة ملك مسور مع كل ملك ألف وخرج فرعون في جمع عظيم وكانت مقدمته سبعمائة ألف رجل على حصان وعلى رأسه بيضة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث «وإنهم لنا لغائظون» أي فاعلون ما يغيظنا «وإنا لجميع حاذرون» يريد أنهم لقلتهم لا يبالي بهم ولا يتوقع غلبتهم وعلوهم ولكنهم يفعلون أفعالا تغيظا وتضيق صدورنا ونحن قوم عادتا التيقظ والحذر واستعمال الحزم في الأمور فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى إطفاء نائرة فساده وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به ما يكسر من قهره وسلطانه وقرئ حذرون فالأول دال على التجدد والثاني على الثبات وقيل الحاذر المؤدي في السلام وقرئ حادرون بالدال المهملة أي أقوياء وأشداء وقيل مدججون في السلاح قد كسبهم ذلك حدارة في أجسامهم «فأخرجناهم» بأن خلقنا فيهم داعية الخروج بهذا السبب فحملتهم عليه «من جنات وعيون» «وكنوز ومقام كريم»
(٢٤٤)