تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٧٠
طريق الحق الثابتين عليه وقوله تعالى «ألم تر أنهم في كل واد يهيمون» استشهاد على ان الشعراء إنما يتبعهم الغاوون وتقرير له والخطاب لكل من تتأتى منه الرؤية للقصد إلى ان حالهم من الجلاء والظهور بحيث لا تختص برؤية راء دون راء أي ألم تر أن الشعراء في كل واد من أودية القيل والقال وفي كل شعب من شعاب الوهم والخيال وفي كل مسلك من مسالك الغي والضلال يهيمون على وجوههم لا يهتدون إلى سبيل معين من السبل بل يتحيرون في فيافي الغواية والسفاهة ويتيهون في تيه المجون والوقاحة دينهم تمزيق الأعراض المحمية والقدح في الأنساب الطاهرة السنية والتسيب بالحرام والغزل والابتهار والتردد بين طرفي الإفراط والتفريط في المدح والهجاء «وأنهم يقولون ما لا يفعلون» من الأفاعيل غير مبالين بما يستتبعه من اللوائم فيكف يتوهم أن يتبعهم في مسلكهم ذلك ويلتحق بهم وينتظم في سلكهم من تنزهت ساحته عن أن يحوم حولها شائبة الاتصاف بشيء من الأمور المذكورة واتصف بمحاسن الصفات الجليلة وتخلق بمكارم الأخلاق الجميلة وحاز جميع الكمالات القدسية وفاز بجملة الملكات الأنسية مستقرا على المنهاج القويم مستمرا على الصراط المستقيم ناطقا بكل أمر رشيد داعيا إلى صراط العزيز الحميد مؤيدا بمعجزات قاهرة وآيات ظاهرة مشحونة بفنون الحكم الباهرة وصنوف المعارف الزاهرة مستقلة بنظم رائق أعجز كل منطيق ماهر وبكت كل مفلق ساحر هذا وقد قيل في تنزيهه صلى الله عليه وسلم عن أن يكون من الشعراء أن أباع الشعراء الغاوون وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا كذلك ولا ريب في أن تعليل عدم كونه صلى الله عليه وسلم منهم بكون أتباعه صلى الله عليه وسلم غير غاوين مما ليا يليق بشأنه العالي وقيل الغاوون الراوون وقيل الشياطين وقيل هم شعراء قريش عبد الله بن الزبعري وهبيرة بن أبى وهب المخزومي ومسافع بن عبد مناف وأبو عزة الجمحي ومن ثقيف أمية بن أبى الصلت قالوا نحن نقول مثل قول نحمد صلى الله عليه وسلم وقرئ والشعراء بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وقرئ يتبعهم على التخفيف ويتبعهم بسكون العين تشبها لبعه بعضد «إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا» استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله عز وجل ويكون أكثر أشعارهم في التوحيد والثناء على الله تعالى والحث على طاعته والحكمة والموعظة والزهد في الدنيا والترغيب عن الركون إليها والزجر عن الاغترار بزخارفها والافتتان بملاذها الفانية ولو وقع منهم في بعض الأوقات هجو وقع ذلك منهم بطريق الانتصار ممن هجاهم وقيل المراد بالمستثنين عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير بن أبي
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300