إلا طغيانا وكفرا حتى اجترؤا على تلك العظيمة التي فعلوها به عليه الصلاة والسلام فكيف يعبر عنهم بعدم إيمان أكثرهم وإنما آمن له لوط فنجاهما الله عز وجل إلى الشأم وقد مر بقية الكلام في آخر قصة موسى عليه السلام «وإن ربك لهو العزيز الرحيم» أي هو القادر على تعجيل العقوبة لقومك ولكنه يمهلهم بحكم الواسعة ليؤمن بعض منهم أو من ذرياتهم «كذبت قوم نوح المرسلين» القوم مؤنث ولذلك يصغر على قويمة وقيل القوم بمعنى الأمة وتكذيبهم للمرسلين إما باعتبار إجماع الكل على التوحيد وأصول الشرائع التي لا تختلف باختلاف الأزمنة والأعصار وإما لأن المراد بالجمع الواحد كما يقال فلان يركب الدواب ويلبس البرود وماله إلا دابة وبردة وإذ في قوله تعالى «إذ قال لهم» ظرف للتكذيب على أنه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ما وقع من الجانبين إلى تمام الأمر كما أن تكذيبهم عبارة عما صدر عنهم من ابتداء دعوته عليه الصلاة والسلام إلى انتهائها «أخوهم» أي نسيبهم «نوح ألا تتقون» الله حين تعبدون غيره «إني لكم رسول» من جهته تعالى «آمين» مشهور بالأمانة فيما بينكم « فاتقوا الله وأطيعون» فيما أمركم به من التوحيد والطاعة لله تعالى «وما أسألكم عليه» أي على ما أنا متصد له من الدعاء والنصح «من أجر» أصلا «إن أجري» فيما أتولاه «إلا على رب العالمين» والفاء في قوله تعالى «فاتقوا الله وأطيعون» لترتيب ما بعدها على ما قبلها من تنزهه عليه الصلاة والسلام عن الطمع كما أن نظيرتها السابقة لترتيب ما بعدها على أمانته والتكرير للتأكيد والتنبيه على أن كلا منهما مستقل في ايجاب التقوى والطاعة فكيف إذا اجتمعا وقرئ إن أجري بسكون الياء «قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون» أي الأقلون جاها ومالا جمع الأرذل على الصحة فإنه بالغلبة صار جاريا مجرى الاسم
(٢٥٤)