العالمين «نزل به» أي أنزله «الروح الأمين» أي جبريل عليه السلام فإنه امين وحيه تعالى وموصله إلى أنبيائه عليهم الصلاة والسلام وقرئ بتشديد الزاي ونصب الروح والأمين أي جعل الله تعالى الروح الأمين نازلا به «على قلبك» أي روحك وإن أريد به العضو فتخصيصه به لأن المعاني الروحانية تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ثم تتصعد إلى الدماغ فينتصف بها لوح المتخيلة «لتكون من المنذرين» متعلق بنزل به أي أنزله لتنذرهم بما في تضاعيفه من العقوبات الهائلة وإيثار ما عليه النظم الكريم للدلالة على انتظامه صلى الله عليه وسلم في سلك أولئك المنذرين المشهورين في حقية الرسالة وتقرر وقوع العذاب المنذر «بلسان عربي مبين» واضح المعنى ظاهر المدلول لئلا يبقى لهم عذر ما وهو أيضا متعلق بنزل به وتأخيره للاعتناء بأمر الإنذار وللإيماء إلى أن مدار كونه من جملة المنذرين المذكورين عليهم السلام مجرد انزاله عليه صلى الله عليه وسلم لا انزاله باللسان العربي وجعله متعلقا بالمنذرين كما جوزه الجمهور يؤدى إلى أن غاية الإنزال كونه صلى الله عليه وسلم من جملة المنذرين باللغة العربية فقط من هود وصالح وشعيب عليه السلام ولا يخفى فساده كيف لا والطامة الكبرى في باب الإنذار ما أنذره نوح وموسى عليهما السلام وأشد الزواجر تأثيرا في قلوب المشركين ما أنذره إبراهيم عليه السلام لانتمائهم وإدعائهم أنهم على ملته عليه الصلاة والسلام «وإنه لفي زبر الأولين» أي وإن ذكره أو معناه لفي الكتب المتقدمة فإن أحكامه التي لا تحتمل النسخ والتبديل بحسب تبدل الأعصار من التوحيد وسائر ما يتعلق بالذات والصفات مسطورة فيها وكذا ما في تضاعيفه من المواعظ والقصص وقيل الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بواضح «أو لم يكن لهم آية» الهمزة للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل أغفلوا عن ذلك ولم يكن لهم آية دالة على أنه تنزيل من رب العالمين وأنه في زبر الأولين على أنه لهم متعلق بالكون قدم على اسمه وخبره للاهتمام به أو بمحذوف هو حال من آية قدمت عليها لكونها نكرة وآية خبر للكون قدم على اسمه الذي هو قوله تعالى «أن يعلمه علماء بني إسرائيل» لما مر مرارا من الاعتناء والتشويق إلى المؤخر أي أن يعرفوه بنعوته المذكورة في كتبهم ويعرفوا من أنزل عليه وقرئ تكن بالتأنيث وجعلت آية اسما وأن يعلمه خبرا وفيه ضعف حيث وقع النكرة اسما والمعرفة خبرا وقد قيل في تكن ضمير القصة
(٢٦٤)