تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢١٠
(وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) جواب عن قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق والجملة الواقعة بعد إلا صفة لموصوف قد حذف ثقة بدلالة الجار والمجرور عليه وأقيمت هي مقامه كما في قوله تعالى وما منا إلا له مقام معلوم والمعنى ما أرسلنا أحدا قبلك من المرسلين إلا آكلين وماشين وقيل هي حال والتقدير إلا وإنهم ليأكلون الخ وقرئ يمشون على البناء للمفعول أي يمشيهم حوائجهم أو الناس (وجعلنا بعضكم) تلوين للخطاب بتعميمه لسائر الرسل عليهم الصلاة والسلام بطريق التغليب والمراد بهذا البعض كفار الأمم فإن اختصاصهم بالرسل وتبعيتهم لهم مصحح لأن يعدوا بعضا منهم وبما في قوله تعالى (لبعض) رسلهم لكن لا على معنى جعلنا مجموع البعض الأول (فتنة) أي ابتلاء ومحنة لمجموع البعض الثاني ولا على معنى جعلنا كل فرد من أفراد البعض الأول فتنة لكل فرد من أفراد البعض الثاني ولا على معنى جعلنا بعضا مبهما من لأولين فتنة لبعض مبهم من الآخرين ضرورة أن مجموع الرسل من حيث هو مجموع غير مفتون بجموع الأمم ولا كل فرد منهم بكل فرد من لأم ولا بعض مبهم من الأولين ببعض منهم من الآخرين على بل معنى جعلنا كل بعض معين من الأمم فتنة لبعض معين من الرسل كأنه قيل وجعلنا كل أمة مخصوصة من الأمم الكافرة فتنة لرسولها المعين المبعوث إليها وإنما لم يصرخ بذلك تعويلا على شهادة الحال هذا وأما تعميم الخطاب لجميع المكلفين وإبقاء البعضين على العموم والإبهام على معنى وجعلنا بعضكم أيها الناس فتنة لبعض آخر منكم فيأباه قوله تعالى (أتصبرون) فإنه غاية للجعل المذكور ومن البين أن ليس ابتلاء كل أحد من آحاد الناس مغيا بالصبر بل بما يناسب حاله على أن الاقتصار على ذكره من غير تعرض لمعادل له مما يدل على أن اللائق بحال المفتونين والمتوقع صدوره عنهم هو الصبر لا غير فلابد أن يكون المراد بهم الرسل فيحصل به تسليته صلى الله عليه وسلم فالمعنى جرت سنتنا بموجب حكمتنا على ابتلاء المرسلين بأممهم وبمناصبتهم لهم العداوة وإيذائهم لهم وأقاويلهم الخارجة عن حدود الإنصاف لنعم صبركم وقوله تعالى (وكان ربك بصيرا) وعد كريم للرسول صلى الله عليه وسلم بالأجر الجزيل لصبره الجميل مع مزيد تشريف له صلى الله عليه وسلم بالالتفات إلى اسم الرب مضافا إلى ضميره صلى الله عليه وسلم (وقال الذين لا يرجون لقاءنا) شروع في حكاية بعض آخر من أقاويلهم الباطلة وبيان بطلانها إثر إبطال أباطيلهم السابقة والجملة معطوفة على قوله تعالى وقالوا ما لهذا الرسول الخ ووضع الموصول موضع الضمير للتنبيه بما في حيز الصلة على أن ما يحكي عنهم من الشناعة بحيث لا يصدر عمن يعتقد المصير إلى الله
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300