العذاب» أي في الدنيا كالقتل والأسر يوم بدر «وهم في الآخرة هم الأخسرون» أي أشد الناس خسرانا لفوات الثواب واستحقاق العقاب «وإنك لتلقى القرآن» كلام مستأنف قد سيق بعد بيان بعض شؤون القرآن الكريم تمهيدا لما يعقبه من الأقاصيص وتصديره بحرفي التأكيد لإبراز كمال العناية بمضمونه أي لتؤتاه بطريق التلقية والتلقين «من لدن حكيم عليم» أي أي حكيم وأي عليم وفي تفخيمهما تفخيم لشأن القرآن وتنصيص على علو طبقته صلى الله عليه وسلم في معرفته والإحاطة بما فيه من الجلائل والدقائق فإن من تلقى العلوم والحكم من مثل ذلك الحكيم العليم يكون علما في رصانة العلم والحكمة والجمع بينهما مع دخول العلم في الحكمة لعموم العلم ودلالة الحكمة على إتقان الفعل وللإشعار بأن ما في القرآن من العلوم منها منا هو حكمة كالعقائد والشرائع ومنها ما ليس كذلك كالقصص والأخبار الغيبية وقوله تعالى «إذ قال موسى لأهله» منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بتلاوة بعض من القرآن الذي يلقاه صلى الله عليه وسلم من لدنه عز وجل تقريرا لما قبله وتحقيقا له أي اذكر لهم وقت قوله عليه الصلاة والسلام لأهله في وادي طوى وقد غشيتهم ظلمة الليل وقدح فأصلد زنده فبدا له من جانب الطور نار «إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر» أي عن حال الطريق وقد كانوا ضلوه والسين الدلالة على نوع بعد في المسافة وتأكيد الوعد والجمع إن صح أنه لم يكن معه عليه الصلاة والسلام إلا امرأته لما كنى عنها بالأهل أو للتعظيم مبالغة في التسلية «أو آتيكم بشهاب قبس» بتنوينهما على أن الثاني بدل من الأول أو صفة له لأنه بمعنى مقبوس أي بشعلة نار مقبوسة أي مأخوذة من أصلها وقرئ بالإضافة وعلى التقديرين فالمراد تعيين المقصود الذي هو القبس الجامع لمنفعتي الضياء والاصطلاء لأن من النار ما ليس بقبس كالجمر وكلتا العدتين منه عليه الصلاة والسلام بطريق الظن كما يفصح عن ذلك ما في سورة طه من صيغة الترجي والترديد للإيذان بأنه ان لم يظفر بهما لم يعدم أحدهما بناء على ظاهر الأمر وثقة بسنة الله تعالى فإنه تعالى لا يكاد يجمع على عبده حرمانين «لعلكم تصطلون» رجاء أن تستدفئوا بها والصلاء النار العظيمة «فلما جاءها نودي» من جانب الطور «أن بورك» معناه أي بورك على أن مفسرة لما في النداء من معنى القول أو بأن بروك على أنها مصدرية حذف عنها الحار جريا على القاعدة المستمرة وقيل مخففة من الثقيلة ولا ضير فلي فقدان التعويض بلا أوقد أو السين أو سوف لما ان الدعاء يخالف غيره في كثير من الأحكام «من في النار ومن حولها» أي من في مكان النار وهي البقعة المباركة المذكورة في قوله سبحانه نودي من
(٢٧٣)