تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٩٢
في صدر قصة صالح داخل معه في حيز القسم أي وأرسلنا لوطا وقوله تعالى «إذ قال لقومه» ظرف للإرسال على أن المراد به أمر ممتد وقع فيه الإرسال وما جرى بينه وبين قومه من الأقوال والأحوال وقيل انتصاب لوطا بإضمار اذكر وإذ بدل منه وقيل بالعطف على الذين آمنوا أي ونجينا لوطا وهو بعيد «أتأتون الفاحشة» أي الفعلة المتناهية في القبح والسماجة وقوله تعالى «وأنتم تبصرون» جملة حالية من فاعل تأتون مفيدة لتأكيد الإنكار وتشديد التوبيخ فإن تعاطى القبيح من العالم بقبحه أقبح وأشنع وتبصرون من بصر القلب أي أتفعلونها والحال أنكم تعلمون علما يقينيا بكونها كذلك وقيل يبصرها بعضكم من بعض لما كانوا يعلنون بها «أئنكم لتأتون الرجال شهوة» تثنية للإنكار وتكرير للتوبيخ وبيان لما يأتونه من الفاحشة بطريق التصريح وتحلية الجملة بحر في التأكيد للإيذان بأن مضمونها مما لا يصدق وقوعه أحد لكمال بعده من العقول وإيراد المفعول بعنوان الرجولية لتربية التقبيح وتحقيق المباينة بينها وبين الشهوة التي علل بها الإتيان «من دون النساء» متجاوزين النساء اللاتي هن محال الشهوة «بل أنتم قوم تجهلون» تفعلون فعل الجاهلين بقبحه أو تجهلون العاقبة أو الجهل بمعنى السفاهة والمجون أي بل أنتم قوم سفهاء ما جنون والتاء فيه مع كونه صفة لقوم لكونهم في حيز الخطاب «فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون» يتنزهون عن أفعالنا أو عن الأقذار ويعدون فعلنا قذرا وعن أن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه استهزاء وقد مر في سورة الأعراف أن هذا الجواب هو الذي صدر عنهم في المرة الأخيرة من مرات مواعظ لوط عليه السلام بالأمر والنهي لا أنه لم يصدر عنهم كلام آخر غيره «فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها» أي قدرنا أنها «من الغابرين» أي الباقين في العذاب «وأمطرنا عليهم مطرا» غير معهود «فساء مطر المنذرين» قد مر بيان كيفية ما جرى عليهم من العذاب غير مرة «قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى» إثر ما قص الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم قصص الأنبياء المذكورين عليهم الصلاة والسلام وأخبارهم الناطقة بكمال قدرته تعالى وعظم شأنه وبما خصهم به من الآيات القاهرة والمعجزات الباهرة الدالة على جلالة أقدارهم وصحة أخبارهم وبين على ألسنتهم حقية الإسلام والتوحيد وبطلان الكفر والإشراك وأن من اقتدى بهم فقد اهتدى ومن أعرض عنهم فقد تردى في مهاوي الردى وشرح صدره عليه الصلاة والسلام بما في تضاعيف تلك
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300