يموت «وكنتم ترابا وعظاما» نخرة مجردة عن اللحوم والأعصاب أي كان بعض أجزائكم من اللحم ونظائره ترابا وبعضها عظاما وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الأجزاء البادية أو كان متقدموكم ترابا صرفا ومتأخروكم عظاما وقوله تعالى «إنكم» تأكيد للأول لطول الفصل بينه وبين خبره الذي هو قوله تعلى «مخرجون» أي من القبور أحياء كما كنتم وقيل أنكم مخرجون مبتدأ وإذا متم خبره على معنى إخراجكم إذا متم ثم أخبر بالجملة عن أنكم وقيل رفع أنكم مخرجون بفعل هو جزاء الشرط كأنه قيل إذا متم وقع إخراجكم ثم أوقعت الجملة الشرطية خبرا عن أنكم والذي تقتضيه جزالة النظم الكريم هو الأول وقرئ أيعدكم إذا متم الخ «هيهات هيهات» تكرير لتأكيد البعد أي بعد الوقوع أو الصحة «لما توعدون» وقيل اللام لبيان المستبعد ما هو كما في هيت لك كأنهم لما صوتوا بكلمة الاستبعاد قيل لماذا هذا الاستبعاد فقيل لما توعدون وقيل هيهات بمعنى البعد وهو مبتدأ خبره لما توعدون وقرئ بالفتح منونا للتنكير وبالضم منونا على أنه جمع هيهة وغير منون تشبها بقبل وبالكسر على الوجهين وبالسكون على لفظ الوقف وإبدال التاء هاء «إن هي إلا حياتنا الدنيا» أصله إن الحياة إلا حياتنا فأقيم الضمير مقام الأولى لدى الثانية عليها حذرا من التكرار وإشعارا بإغنائها عن التصريح كما في هي النفس تتحمل ما حملت وهي العرب تقول ما شاءت وحيث كان الضمير بمعنى الحياة الدالة على الجنس كانت إن النافية بمنزلة لا النافية للجنس وقوله تعالى «نموت ونحيا» جملة مفسرة لما ادعوه من أن الحياة هي الحياة الدنيا أي يموت بعضنا ويولد بعض إلى انقراض العصر «وما نحن بمبعوثين» بعد الموت «إن هو» أي ما هو «إلا رجل افترى على الله كذبا» فيما يدعيه من إرساله وفيما يعدنا من أن الله يبعثنا «وما نحن له بمؤمنين» بمصدقين فيما يقوله «قال» أي هود عليه السلام عند يأسه من إيمانهم بعد ما سلك في دعوتهم كل مسلك متضرعا إلى الله عز وجل «رب انصرني» عليهم وانتقم لي منهم «بما كذبون» أي بسبب تكذيبهم إياي وإصرارهم عليه «قال» تعالى إجابة لدعائه وعدة بالقبول «عما قليل» أي عن زمان قليل وما مزيدة بين الجار والمجرور لتأكيد معنى القلة كما زيدت في قوله تعالى فبما رحمة من الله أو نكرة موصوفة أي عن شيء قليل «ليصبحن نادمين» على ما فعلوه من التكذيب وذلك عند معاينتهم للعذاب «فأخذتهم الصيحة» لعلهم حين أصابتهم
(١٣٤)