تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٦٤
«والآخرة» من عذاب النار وغير ذلك مما يعلمه الله عز وجل «والله يعلم» جميع الأمور التي من جملتها ما في الضمائر من المحبة المذكورة «وأنتم تعلمون» ما يعلمه تعالى إنما تعلمون ما ظهر لكم من الأقوال والأفعال المحسوسة فابتلوا أموركم على ما تعملونه وعاقبوا في الدنيا على ما تشاهدونه من الأحوال الظاهرة والله سبحانه هو المتولي للسرائر فيعاقب في الآخرة على ما تكنه الصدور هذا إذا جعل العذاب الأليم في الدنيا عبارة عن حد القذف أو متنظما له كما أطبق عليه الجمهور أما إذا بقي على إطلاقه يراد بالمحبة نفسها من غير أن يقارنها التصدي للإشاعة وهو الأنسب بسياق النظم الكريم فيكون ترتيب العذاب عليها تنبيها على أن عذاب من يباشر الإشاعة ويتولاها أشد وأعظم ويكون الاعتراض التذييلي أعنى قوله تعالى والله يعلم وأنتم لا تعلمون تقريرا لثبوت العذاب الأليم لهم وتعليلا له «ولولا فضل الله عليكم ورحمته» تكرير للمنة بترك المعالجة بالعقاب للتنبيه على كمال عظم الجزيرة «وأن الله رؤوف رحيم» عطف على فضل الله وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة والإشعار باستتباع صفة الألوهية للرأفة والرحمة وتغيير سبكه وتصديره بحرف التحقيق لما أن بيان اتصافه تعالى في ذاته بالرأفة التي هي كمال الرحمة والرحيمية التي هي المبالغة فيها على الدوام والاستمرار لا بيان حدوث تعلق رأفته ورحمته بهم كما أن المراد بالمعطوف عليه وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه «يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان» أي لا تسلكوا مسالكه كل ما تأتون وما تذرون من الأفاعيل التي من جملتها إشاعة الفاحشة وحبها وقرئ خطوات بسكون الطاء وبفتحها أيضا «ومن يتبع خطوات الشيطان» وضع الظاهران موضع ضمير يهما حيث لم يقل ومن يتبعها أو ومن يتبع خطواته لزيادة التقرير والمبالغة في التنفير والتحذير «فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر» علة للجزاء وضعت موضعه كأنه قيل فقد ارتكب الفحشاء والمنكر لأن دأبه المستمر أن يأمر بهما فمن اتبع خطواته فقد امتثل بأمره قطعا والفحشاء ما أفرط قبحه كالفاحشة والمنكر ما ينكره الشرع ضمير إنه للشيطان وقيل للشأن على ما رأى من لا يوجب عود الضمير من الجملة الجزائية إلى اسم الشرط أو على أن الأصل يأمره وقيل هو عائد إلى من أي فإن ذلك المتبع يأمر الناس بهما لأن شان الشيطان هو الإضلال فمن اتبعه يترقى من رتبة الضلال والفساد إلى رتبة الإضلال والإفساد «ولولا فضل الله عليكم ورحمته» بما من جملته هاتيك البيانات والتوفيق للتوبة الماحصة للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها «ما زكا» أي ما طهر من دنسها وقرىء ما زكى بالتشديد أي ما طهر الله تعالى ومن في قوله تعالى «منكم» بيانية وفي قوله
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300