تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٣٠٠
لا تسمع الموتى» الخ تعليل آخر للتوكل الذي هو عبارة عن التبتل إلى الله تعالى وتفويض الأمر إليه والإعراض عن التشبث بما سواه وقد علل أولا بما يوجبه من جهته تعالى أعنى قضاءه بالحق وعزته وعلمه تعالى وثانيا بما يوجبه من جهته عليه الصلاة والسلام على أحد الوجهين أعني كونه عليه الصلاة والسلام على الحق ومن جهته تعالى على الوجه الآخر أعني إعانته تعالى وتأييده للمحق ثم علل ثالثا بما يوجبه لكن لا بالذات بل بواسطة إيجابه للإعراض عن التشبث بما سواه تعالى فإن كونهم كالموتى والصم والعمى موجب لقطع الطمع عن مشايعتهم ومعاضدتهم رأسا وداع إلى تخصيص الاعتضاد به تعالى وهو المعنى بالتوكل عليه تعالى وإنما شبهوا بالموتى لعدم تأثرهم بما يتلى عليهم من القوارع وإطلاق الإسماع عن المفعول لبيان عدم سماعهم لشيء من المسموعات ولعل المراد تشبيه قلوبهم بالموتى فيما ذكر من عدم الشعور فإن القلب مشعر من المشاعر أشير إلى بطلانه بالمرة ثم بين بطلان مشعري الأذن والعين كما في قوله تعالى لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها وإلا فبعد تشبيه أنفسهم بالموتى لا يظهر لتشبيههم بالصم والعمى مزيد مزية «ولا تسمع الصم الدعاء» أي الدعوة إلى أمر من الأمور وتقييد النفي بقوله تعالى «إذا ولوا مدبرين» لتكميل التشبيه وتأكيد النفي فإنهم مع صممهم عن الدعاء إلى الحق معرضون عن الداعي مولون على أدبارهم ولا ريب في أن الأصم لا يسمع الدعاء مع كون الداعي بمقابلة صماخه قريبا منه فكيف إذا كان خلفه بعيدا منه وقرئ ولا يسمع الصم الدعاء «وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم» هداية موصلة إلى المطلوب كما في قوله تعالى إنك لا تهدي من أحببت فإن الاهتداء منوط بالبصر وعن متعلقة بالهداية باعتبار تضمنه معنى الصرف وقيل بالعمى يقال عمى عن كذا وفيه بعد وإيراد الجملة الاسمية للمبالغة في نفي الهداية وقرئ وما أنت تهدي العمي «إن تسمع» أي ما تسمع سماعا يجدي السامع نفعا «إلا من يؤمن بآياتنا» أي من شأنهم الإيمان بها وإيراد الإسماع في النفي والإثبات دون الهداية مع قربها بأن يقال إن تهدي إلا من يؤمن الخ لما أن طريق الهداية هو إسماع الآيات التنزيلية «فهم مسلمون» تعليل لإيمانهم بها كأنه قيل فإنهم منقادون للحق وقيل مخلصون لله تعالى من قوله تعالى بلى من أسلم وجهه لله «وإذا وقع القول عليهم» بيان لما أشير إليه بقوله تعالى بعض الذي تستعجلون من بقية ما يستعجلونه من الساعة ومباديها والمراد بالقول ما نطق من الآيات الكريمة بمجئ الساعة وما فيها من فنون الأهوال التي كانوا يستعجلونها وبوقوعه قيامها وحصولها عبر عن ذلك به للإيذان بشدة وقعها وتأثيرها وإسناده إلى القول لما أن المراد بيان وقوعها من حيث إنها مصداق للقول الناطق بمجيئها وقد أريد بالوقوع دنوه واقترابه كما في قوله تعالى أتى أمر الله أي إذا دنا وقوع مدلول القول
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300