تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٢٥
والأنواء أمارات لجعله تعالى «ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا» نبيا ينذر أهلها فيخف عليك أعباء النبوة لكن لم نشأ ذلك فلم نفعله بل قصرنا الأمر عليك حسبما ينطق به قوله تعالى ليكون للعالمين نذيرا إجلالا لك وتعظيما وتفضيلا لك على سائر الرسل «فلا تطع الكافرين» أي فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة وإظهار الحق والتشدد معهم كأنه نهى لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن المداراة معهم والتلطف في الدعوة لما أنه صلى الله عليه وسلم كان يود أن يدخلوا في الإسلام ويجتهد في ذلك بتأليف قلوبهم أشد الإجتهاد «وجاهدهم به» أي بالقرآن بتلاوة ما في تضاعيفه من القوارع والزواجر والمواعظ وتذكير أحوال الأمم المكذبة «جهادا كبيرا» فإن دعوة كل العالمين على الوجه المذكور جهاد كبير لا يقادر قدره كما وكيفا وقيل الضمير المجرور لترك الطاعة المفهوم من النهى عن الطاعة وأنت خبير بأن مجرد ترك الطاعة يتحقق بلا دعوة أصلا وليس فيه شائبة الجهاد فضلان عن الجهاد الكبير اللهم إلا أن تجعل الباء للملابسة ليكون المعنى وجاهدهم بما ذكر من أحكام القرآن الكريم ملابسا بترك طاعتهم كأنه قيل فجاهدهم بالشدة والعنف لا بالملاءمة والمداراة كما في قوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم وقد جعل الضمير لما دل عليه قوله تعالى ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا من كونه صلى الله عليه وسلم نذير كافة القرى لأنه لو بعث في كل قرية نذير لوجب على كل نذير مجاهدة قريته فاجتمعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المجاهدات كلها فكبر من أجل ذلك جهاده وعظم فقيل له صلى الله عليه وسلم وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة وأنت خبير بأن بيان سبب كبر المجاهدة بحسب الكمية ليس فيه مزيد فإنه بين بنفسه وإنما اللائق بالمقام بيان سبب كبرها وعظمها في الكيفية «وهو الذي مرج البحرين» أي خلاهما متجاورين متلاصقين بحيث لا يتمازجان من مرج دابته إذا خلاها «هذا عذب فرات» قامع للعطش لغاية عذوبته «وهذا ملح أجاج» بليغ الملوحة وقرئ ملح فلعله تخفيف مالح كبرد في بارد «وجعل بينهما برزخا» حاجزا غير مرئى من قدرته كما في قوله تعالى بغير عمد وترونها «وحجرا محجورا» وتنافرا مفرطا كأن كلامهما يتعوذ من الآخر بتلك المقالة وقيل حدا محدودا وذلك كدجلة تدخل البحر وتشقه وتجرى في خلاله فراسخ لا يتغير طعمها وقيل المراد بالبحر العذب اله العظيم وبالمالح البحر الكبير وبالبرزخ ما بينهما من الأرض فيكون أثر القدرة في الفصل واختلاف الصفة مع أن مقتضى طبيعة كل عنصر التضام والتلاصق والتشابه في الكيفية
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300