تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٤٥
على ما قبلها من إيتاء ذكرهم لا لترتيب الإعراض على الإيتاء مطلقا فإن المستتبع لكون إعراضهم إعراضا عن ذكرهم هو إيتاء ذكرهم لا الإتياء مطلقا وفي إسناد الإتيان بالذكر إلى نور العظمة بعد إسناده إلى ضميره صلى الله عليه وسلم تنويه لشأن النبي صلى الله عليه وسلم وتنبيه على كونه بمثابة عظيمة منه عز وجل وفي إيراد القرآن الكريم عند نسبته إليه صلى الله عليه وسلم بعنوان الحقية وعند نسبته إليه تعالى بعنوان الذكر من لا نكتة السرية والحكمة العبقرية ما لا يخفى فإن التصريح بحقيته المستلزمة لحقية من جاء به هو الذي يقتضيه مقام حكاية ما قاله المبطلون في شأنه وأما التشريف فإنما يليق به تعالى لا سيما رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد المشرفين وقيل المراد بالذكر ما تمنوه بقولهم لو أن عندنا ذكرا من الأولين وقيل وعظهم وأيد ذلك أنه قرئ بذكراهم والتشنيع على الأولين أشد فإن الإعراض عن وعظهم ليس في مثابة إعراضهم عن شرفهم أو عن ذكرهم الذي يتمنونه في الشناعة والقباحة «أم تسألهم» انتقال من توبيخهم بما ذكر من قوله أم يقولون به جنة إلى التوبيخ بوجه آخر كأنه قيل أم يزعمون أنك تسألهم على أداء الرسالة «خرجا» أي جعلا فلأجل ذلك لا يؤمنون بك وقوله تعالى «فخراج ربك خير» أي رزقه في الدنيا وثوابه في الآخرة تعليل لنفي السؤال المستفاد من الإنكار أي لا تسألهم ذلك فإن ما رزقك الله تعالى في الدنيا والعقبى خير لك من ذلك وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من تعليل الحكم وتشريفه صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى والخرج بإزاء الدخل يقال لكل ما تخرجه إلى غيرك والخراج غالب في الضريبة على الأرض وقيل الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك وقيل الخرج أخص من الخراج ففي النظم الكريم إشعار بالكثرة واللزوم وقرئ خرجا فخرج وخراجا فخراج «وهو خير الرازقين» تقرير لخيرية خراجه تعالى «وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم» تشهد العقول السليمة باستقامته ليس فيه شائبة اعوجاج توهم اتهامهم لك بوجه من الوجوه ولقد ألزمهم الله عز وعلا وأزاح عللهم في هذه الآيات حيث حصر أقسام ما يؤدي إلى الإنكار والاتهام وبين انتفاء ما عدا كراهتهم للحق وقلة فطنتهم «وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة» وصفوا بذلك تشنيعا لهم بما هم عليه من الانهماك في الدنيا وزعمهم أن لا حياة إلا الحياة الدنيا وإشعارا بعلة الحكم فإن الإيمان بالآخرة وخوف ما فيها من الدواهي من أقوى الدواعي إلى طلب الحق وسلوك سبيله «عن الصراط» أي عن جنس الصراط «لناكبون» لعادلون فضلا عن الصراط المستقيم أو عن الصراط المستقيم الذي تدعوهم إليه والأول أدل على كمال ضلالهم وغاية غوايتهم لما أنه ينبئ عن كون ما ذهبوا إليه مما لا يطلق عليه اسم الصراط ولو كان معوجا «ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر» أي قحط وجدب «للجوا» لتمادوا «في
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300