تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٨٢
في قوله [ألا يا أسلمى يا دار مي على البلى] ونظائره وعلى هذا يحتمل أن يكون استئنافا من جهة الله عز وجل أو من سليمان عليه السلام ويوقف على لا يهتدون ويكون أمرا بالسجود وعلى الوجوه المتقدمة ذما على تركه وأياما كان فالسجود واجب وقرئ هلا وهلا بقلب الهمزتين هاء وقرئ هلا تسجدون بمعنى ألا تسجدون على الخطاب (الذي يخرج الخبء في السموا والأرض) أي يظهر ما هو مخبوء ومخفى فيهما كائنا ما كان وتخصيص هذا الوصف بالذكر بصدد بيان تفرده تعالى باستحقاق السجود له من بين سائر أوصافه الموجبة لذلك لما أنه أرسخ في معرفته والإحاطة بأحكامه بمشاهدة آثاره التي من جملتها ما أودعه الله تعالى في نفسه من القدرة على معرفة الماء تحت الأرض وأشار بعطف قوله «ويعلم ما تخفون وما تعلنون») عل يخرج إلى أنه تعالى يخرج ما في العالم الإنساني من الخفايا كما يخرج ما في العالم الكبير من الخبايا لما أن المراد يظهر ما تخفونه من الأحوال فيجازيكم بها وذكر ما تعلنون لتوسيع دائرة العلم أو للتنبيه على تساويهما بالنسبة إلى العلم الإلهي وقرئ ما يخفون وما يعلنون على صيغة الغيبة بلا التفات وإخراج الخبء يعم إشراق الكواكب وإظهارها من آفاقها بعد استنارها وراءها وإنزال الأمطار وإنبات النبات بل الانشاء الذي هو إخراج ما في الشيء بالقوة إلى الفعل والإبداع الذي هو إخراج ما في الإمكان والعدم إلى الوجود وغير ذلك من غيوبه عز وجل وقرئ الخب بتخفيف الهمزة بالحذف وقرئ الخبا بتخفيفها بالقلب وقرئ ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) الذي هو أول الاجرام وأعظمها وقرئ العظيم بالرفع على أنه صفة الرب واعلم أن ما حكى من الهدهد من قوله الذي يخرج الخبء إلى هنا ليس داخلا تحت قوله أحطت بما لم تحط به وإنما هو من لعلوم والمعارف التي اقتبسها من سليمان عليه السلام أورده بيانا لما هو عليه وإظهارا لتصلبه في الدين وكل ذلك لتوجيه قلبه عليه الصلاة والسلام نحو قبول كلامه وصرف عنان عزيمته عليه السلام إلى غزوها وتسخير ولايتها «قال» استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية كلام الهدهد كأنه قيل فماذا فعل سليمان عليه السلام عند ذلك فقيل قال «سننظر» أي فيما ذكرته من النظر بمعنى التأمل والسين للتأكيد أي سنتعرف بالتجربة البتة (أصدقت أم كنت من الكاذبين) كان مقتضى الظاهر أم كذبت وإيثار ما عليه النظم الكريم للايذان بأن كذبه في هذه المادة يستلزمه انتظامه في سلك الموسومين بالكذب الراسخين فيه فإن مساق هذه الأقاويل الملفقة على ترتيب أنيق يستميل قلوب السامعين نحو قبولها من غير أن يكون لها مصداق أصلا لا سيما بين يدي نبي عظيم الشأن لا يكاد يصدر إلا عمن له قدم راسخ في الكذب والإفك وقوله تعالى «اذهب بكتابي هذا فألقه»
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300