أو بنيانا يجتمعون إليه ليعبثوا لمن مر عليهم أو قصورا عالية يفتخرون بها «وتتخذون مصانع» أي مآخذ الماء وقيل قصورا مشيدة وحصونا «لعلكم تخلدون» أي راجين أن تخلدوا في الدنيا أي عاملين عمل من يرجو من ذلك فلذلك تحكمون بنيانها «وإذا بطشتم» بصوت أو سيف «بطشتم جبارين» متسلطين غاشمين بلا رأفة ولا قصد تأديب ولا نظر في العافية «فاتقوا الله» واتركوا هذه الأفعال «وأطيعون» فيما أدعوكم إليه فإنه أنفع لكم «واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون» من أنواع النعماء وأصناف الآلاء أجملها أولا ثم فصلها بقوله «أمدكم بأنعام وبنين» بإعادة الفعل لزيادة التقرير فإن التفصيل بعد الإجمال والتفسير أثر الإبهام أدخل في ذلك «وجنات وعيون» «إني أخاف عليكم» إن لم تقوموا بشكر هذه النعم «عذاب يوم عظيم» في الدنيا والآخرة فإن كفران النعمة مستتبع للعذاب كما أن شكرها مستلزم لزيادتها قال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي شديد «قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين» فإنا لن نرعوى عما نحن عليه وتغير الشق الثاني عن مقابلة للمبالغة في بيان قلة اعتدادهم بوعظه كأنهم قالوا ألم تكن من أهل الوعظ ومباشريه أصلا «إن هذا» ما هذا الذي جئتنا به «إلا خلق الأولين» أي عادتهم كانوا يلفقون مثله ويسطرونه أو ما هذا الذي نحن عليه من الدين إلا خلق الأولين وعادتهم ونحن بهم مقتدون أو ما هذا الذي نحن عليه من الموت والحياة إلا عادة قديمة لم يزل الناس عليها وقرئ خلق الأولين بفتح الخاء أي اختلاق الأولين كما قالوا أساطير الأولين أو ما خلقنا هذا إلا خلقهم نحيا
(٢٥٧)