حال الكتابية وعكس في سورة الحجر نظرا إلى ما ذكر هناك من الوجه وما قيل من أن الكتاب هو اللوح المحفوظ وإبانته أنه خط فيه ما هو كائن فهو يبينه للناظرين فيه لا يساعده إضافة الآيات إليه إذ لا عهد باشتماله على الآيات ولا وصفه بالهداية والبشارة إذا هما باعتبار إبانته فلا بد من اعتبارها بالنسبة إلى الناس الذين من جملتهم المؤمنون الا إلى الناظرين فيه وقرئ وكتاب بالرفع على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي وآيات كتاب مبين «هدى وبشرى للمؤمنين» في حيز النصب على الحالية من الآيات على أنهما مصدران أقيما مقام الفاعل للمبالغة كأنهما نفس الهدى والبشارة والعامل معنى الإشارة أي هادية ومبشرة أو الرفع على أنهما بدلان من الآيات أو خبران آخران لتلك أو لمبتدأ محذوف ومعنى هدايتها لهم وهم مهتدون أنها تزيدهم هدى قال تعالى فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما معنى تبشيرها إياهم فظاهر لأنها تبشرهم برحمة من الله ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم وقوله تعالى «الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة» صفة مادحة لهم وتخصيصهما بالذكر لأنهما قرينتا الإيمان وقطر العبادات البدنية والمالية مستتبعان لسائر الأعمال الصالحة وقوله تعالى «وهم بالآخرة هم يوقنون» جملة اعتراضية كأنه قيل وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات هم الموقنون بالآخرة حق الإيقان لا من عداهم لأن تحمل مشاق العبادات لخوف العقاب ورجاء الثواب أو هو من تتمة الصلة والواو حالية أو عاطفة له على الصلة الأولى وتغيير نظمه الدلالة على قوة يقينهم وثباته وأنهم أوحديون فيه «إن الذين لا يؤمنون بالآخرة» بيان لأحوال الكفرة بعد بيان أحوال المؤمنين أي لا يؤمنون بها وبما فيها من الثواب على الأعمال الصالحة والعقاب على السيئات حسبما ينطق به القرآن «زينا لهم أعمالهم» القبيحة حيث جعلناها مشتهاة للطبع محبوبة للنفس كما ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم حفت النار بالشهوات أو الأعمال الحسنة ببيان حسنها في أنفسها حالا واستتباعها لفنون المنافع مآلا وإضافتها إليهم باعتبار أمرهم بها وإيجابها عليهم «فهم يعمهون» يتحيرون ويترددون على التجدد والاستمرار فمع الاشتغال بها والانهماك فيها من غير ملاحظة لما يتبعها من نفع وضر أو في الضلال والإعراض عنها والفاء على الأول لترتيب المسبب على السبب وعلى الثاني لترتيب ضد المسبب على السبب كما في قولك وعظته فلم يتعظ وفيه إيذان بكمال عتوهم ومكابرتهم وتعكيسهم في الأمور «أولئك» إشارة إلى المذكورين وهو مبتدأ خبره الموصول بعده أي أولئك الموصوفون بالكفر والعمه «الذين لهم سوء
(٢٧٢)