تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٧٥
ومدار العطف هو التغاير العنواني المنزل منزلة التغاير الذاتي وقد خصت الآيات بما يبين الحدود والأحكام والموعظة بما وعظ به من قوله تعالى ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله وقوله تعالى لولا إذ سمعتموه وغير ذلك من الآيات الواردة في شأن الآداب وإنما قيل «للمتقين» مع شمول الموعظة للكل حسب شمول الإنزال لقوله تعالى أنزلنا إليكم حثا للخاطبين على الاعتناء بالانتظام في سلك المتقين ببيان أنهم المغتنمون لآثارها المقتبسون من أنوارها فحسب وقيل المراد بالآيات المبينات والمثل والموعظة جميع ما في القرآن المجيد من الآيات والأمثال والمواعظ فقوله تعالى «الله نور السماوات والأرض» الخ حينئذ استئناف مسوق لتقرير ما فيها من البيان مع الإشعار بكونه في غاية الكمال على الوجه الذي ستعرفه وأما على الأول فلتحقيق أن بيانه تعالى ليس مقصورا على ما ورد في السورة الكريمة بل هو شامل لكل ما يحق بيانه من الأحكام والشرائع ومباديها وغاياتها المترتبة عليها في الدنيا والآخرة وغير ذلك مما له مدخل في البيان وأنه واقع منه تعالى على أتم الوجوه وأكملها حيث عبر عنه بالتنوير الذي هو أقوى مراتب البيان وأجلاها وعبر عن المنور بنفس النور تنبيها على قوة التنوير وشدة التأثير وإيذانا بأنه تعالى ظاهر بذاته وكل ما سواه ظاهر بإظهاره كما أن النور نير بذاته وما عداه مستنير به وأضيف النور إلى السماوات والأرض للدلالة على كمال شيوع البيان المستعار له وغاية شموله لكل ما يليق به من الأمور التي لها مدخل في إرشاد الناس بوساطة بيان شمول المستعار منه لجميع ما يقبله ويستحقه من الأجرام العلوية والسفلية فإنهما قطران للعالم الجسماني الذي لا مظهر للنور الحسى سواه أو على شمول البيان لأحوالهما وأحوال ما فيهما من الموجودات إذ ما من موجود إلا وقد بين من أحواله ما يستحق البيان إما تفصيلا أو إجمالا كيف لا ولا ريب في بيان كونه دليلا على وجود الصانع وصفاته وشاهدا بصحة البعث أو على تعلق البيان بأهلهما كما قال ابن عباس رضي الله عنهما هادي أهل السماوات والأرض فهم بنوره يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون هذا وأما حمل التنوير على إخراجه تعالى للماهيات من العدم إلى الوجود إذ هو الأصل في الإظهار كما أن الإعدام هو الأصل في الإخفاء أو على تزيين السماوات بالنيرين وسائر الكواكب وما يفيض منها من الأنوار أو بالملائكة عليهم السلام وتزيين الأرض بالأنبياء عليهم السلام والعلماء والمؤمنين أو بالنبات والأشجار أو على تدبيره تعالى لأمورهما وأمور ما فيهما فمما لا يلائم المقام ولا يساعد حسن النظام «مثل نوره» أي نوره الفائض منه تعالى على الأشياء المستنيرة به وهو القرآن المبين كما يعرب عنه ما قبله من وصف آياته بالإنزال والتبيين وقد صرح بكونه نورا أيضا في قوله تعالى وأنزلنا إليكم نورا مبينا وبه قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وزيد
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300