تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ٢٦٩
إلى الشياطين فيتلقون منهم أوهاما وأمارات لنقصان علمهم فيضمون إليها بحسب تخيلاتهم الباطلة خرافات لا يطابق أكثرها الواقع وذلك قوله تعالى «وأكثرهم كاذبون» أي فيما قالوه من الأقاويل وقدور في الحديث الكلمة يخطفها الجني فيقرها في أذن وليه فيزيد فيها أكثر من مائة كذبة أو يلقون السمع أي المسموع من الشياطين إلى الناس وأكثرهم كاذبون يفترون على الشياطين ما لم يوحوا إليهم والأظهر أن الأكثرية باعتبار أقوالهم على معنى أن هؤلاء قلما يصدقون فيما يحكون عن الجني وأما في أكثره فهم كاذبون ومآله وأكثر أقوالهم كاذبة لا باعتبار ذواتهم حتى يلزم من نسبة الكذب إلى أكثرهم كون أقلهم صادقين على الإطلاق وليس معنى الأفاك من لا ينطق إلا بالإفك حتى يمتنع منه الصدق بل من يكثر الإفك فلا ينافيه أن يصدق نادرا في بعض الأحايين وقيل الضمير للشياطين أي يلقون السمع أي المسموع من الملأ الاعلى قبل أن رجموا من بعض المغيبات إلى أوليائهم وأكثرهم كاذبون فيما يوحون به إليهم إذ لا يسمعونهم على نحو ما تكلمت به الملائكة لشرارتهم أو لقصور فهمهم أو ضبطهم أو إفهامهم ولا سبيل إلى حمل إلقاء السمع على تسمعهم وإنصاتهم إلى الملأ الأعلى قبل الرجم كما جوزه الجمهور لما أن يلقون كما صرحوا به إما حال من ضمير تنزل مفيدة لمقارنة التنزل للإلقاء أو استئناف مبين للغرض من التنزل مبنى على السؤال عنه ولا ريب في أن إلقاء السمع إلى الملأ الأعلى بمعزل من احتمال أن يقارن التنزل أو يكون غرضا منه لتقدمه عليه قطعا وإنما المحتمل لهما الإلقاء بالمعنى الأول فالمعنى على تقدير كونه حالا تنزل الشياطين على الأفاكين ملقين إليهم ما سمعوه من الملأ الأ على وعلى تقدير كونه فهو وصفة لكل أفاك لأنه في معنى الجمع سواء أريد بإلقاء السمع الإصغاء إلى الشياطين أو إلقاء المسموع إلى الناس ويجوز أن يكون استئناف إخبار بحالهم على كلا التقديرين لما أن كلا من تلقيهم من الشياطين وإلقائهم إلى الناس يكون بعد التنزيل وأن يكون استئنافا مبنيا على السؤال على التقدير الأول فقط كأنه قيل ما يفعلون عند تنزل الشياطين عليهم فقيل يلقون إليهم أسماعهم ليحفظوا ما يوحون به إليهم وقوله تعالى وأكثرهم كاذبون على التقدير الأول استئناف فقط وعلى الثاني يحتمل الحالية من ضمير يلقون أي ما سمعوه من الشياطين إلى الناس والحال أنهم في أكثر أقوالهم كاذبون فتدبر «والشعراء يتبعهم الغاوون» استئناف مسوق لإبطال ما قالوا في حق القرآن العظيم من أنه من قبيل الشعر وان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعراء ببيان حال الشعراء المنافية لحاله صلى الله عليه وسلم بعد ابطال ما قالوا أن من قبيل ما يلقي الشياطين على الكهنة من الأباطيل بما مر من بيان أحوالهم المضادة لأحواله صلى الله عليه وسلم والمعنى أن الشعراء يتبعهم أي يجاريهم ويسلك مسلكهم ويكون من جملتهم الغاوون الضالون عن السنن الحائرون فيما يأتون وما يذرون لا يستمرون على وتيرة واحدة الأفعال والأقوال والأحوال لا غيرهم من أهل الرشد المهتدين إلى
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300