«والذين هم بآيات ربهم» المنصوبة والمنزلة «يؤمنون» بتصديق مدلولها «والذين هم بربهم لا يشركون» شركا جليا ولا خفيا ولذلك أخر عن الإيمان بالآيات والتعرض لعنوان الربوبية في المواقع الثلاثة للإشعار بعليتها للإشفاق والإيمان وعدم الإشراك «والذين يؤتون ما آتوا» أي يعطون ما أعطوه من الصدقات وقرئ يأتون ما أتوا أي يفعلون ما فعلوه من الطاعات وأيا ما كان فصيغة الماضي في الصلة الثانية الدلالة على التحقق كما أن صيغة المضارع في الأولى للدلالة عن الاستمرار «وقلوبهم وجلة» حال من فاعل يؤتون أو يأتون أي يؤتون ما آتوه أو يفعلون من العبادات ما فعلوه والحال أن قلوبهم خائفة أشد الخوف «أنهم إلى ربهم راجعون» أي من أن رجوعهم إليه عز وجل على أن مناط الوجل أن لا يقبل منهم ذلك وأن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذوا به حينئذ لا مجرد رجوعهم إليه تعالى وقيل لأن مرجعهم إليه تعالى والموصولات الأربعة عبارة عن طائفة واحدة متصفة بما ذكر في حين صلاتها من الأوصاف الأربعة لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة بما ذكر في حيز صلاتها من الأوصاف الأربعة لا عن طوائف كل واحدة منها متصفة كأنه قيل إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون وبآيات ربهم يؤمنون الخ وإنما كرر الموصول إيذانا باستقلال كل واحدة من تلك الصفات بفضيلة باهرة على حيالها وتنزيلا لاستقلالها منزلة استقلال الموصوف بها «أولئك» إشارة إليهم باعتبار اتصافهم بها وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد رتبتهم في الفضل أي أولئك المنعوتون بما فصل من النعوت الجليلة خاصة دون غيرهم «يسارعون في الخيرات» أي في نيل الخيرات التي من جملها الخيرات العاجلة الموعودة على الأعمال الصالحة كما في قوله تعالى فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة وقوله تعالى وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين فقد أثبت لهم ما نفى عن أضدادهم خلا أنه غير الأسلوب حيث لم يقل أولئك نسارع لهم في الخيرات بل أسند المسارعة إليهم إيمان لي كمال استحقاقهم لنيل الخيرات بمحاسن أعمالهم وإيثار كلمة في على كلمة إلى للإيذان بأنهم متقلبون في فنون الخيرات لا أنهم خارجون عنها متوجهون إليها بطريق المسارعة في قوله تعالى كما وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة الآية «وهم لها سابقون» أي إياها سابقون واللام لتقوية العمل كما في قوله تعالى هم لها عاملون أي ينالونها قبل الآخرة حيث عجلت لهم في الدنيا وقيل المراد بالخيرات الطاعات والمعنى يرغبون في الطاعات والعبادات أشد الرغبة وهم لأجلها سابقون فاعلون السبق أو لأجلها الناس
(١٤٠)