تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٤١
والأول هو الأولى «ولا نكلف نفسا إلا وسعها» جملة مستأنفة سيقت للتحريض على ما وصف به السابقون من فعل الطاعات المؤدي إلى نيل الخيرات ببيان سهولته وكونه غير خارج عن حد الوسع والطاقة أي عادتنا جارية على أن لا نكلف نفسا من ا لنفوس إلا ما في وسعها على أن المراد استمرار النفي بمعونة المقام لا نفي الاستمرار كما مر مرارا أو للترخيص فيما هو قاصر عن درجة أعمال أولئك الصالحين ببيان انه تعالى لا يكلف عباده إلا ما في وسعهم فإن لم يبلغوا في فعل الطاعات مراتب السابقين فلا عليهم بعد أن يبذلوا طاقتهم ويستفرغوا وسعهم قال مقاتل من لم يستطع القيام فليصل قاعدا ومن لم يستطع القعود فليوم إيماء وقوله تعالى «ولدينا كتاب» الخ تتمة لما قبله ببيان أحوال ما كلفوه من الأعمال وأحكامها المترتبة عليها من الحساب والثواب والعقاب والمراد بالكتاب صحائف الأعمال التي يقرءونها عند الحساب حسبما يعرب عنه قوله تعالى «ينطق بالحق» كقوله تعالى هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون أي عندنا كتاب قد أثبت فيه أعمال كل أحد على ما هي عليه أو أعمال السابقين والمقتصدين جميعا لا أنه أثبت فيه أعمال الأولين وأهمل أعمال الآخرين ففيه قطع معذرتهم أيضا وقوله بالحق متعلق بينطق أي يظهر الحق المطابق للواقع على ما هو عليه ذاتا ووصفا ويبينه للناظر كما يبينه النطق ويظهره للسامع فيظهر هنالك جلائل أعمالهم ودقائقها ويرتب عليها أجزيتها إن خيرا فخير وإن شرا فشر وقوله تعالى «وهم لا يظلمون» بيان لفضله تعالى وعد له في الجزاء إثر بيان لطفه في التكليف وكتب الأعمال أي لا يظلمون في الجزاء بنقص ثواب أو بزيادة عذاب بل يجزون بقدر أعمالهم التي كلفوها ونطقت بها صحائفها بالحق وقد جوز أن يكون تقريرا لما قبله من التكليف وكتب الأعمال أي لا يظلمون بتكليف ما ليس في وسعهم ولا بعدم كتب بعض أعمالهم التي من جملتها أعمال المقتصدين بناء على قصورها عن درجة أعمال السابقين بل يكتب كل منها على مقاديرها وطبقاتها والتعبير عما ذكر من الأمور بالظلم مع أن شيئا منها ليس بظلم على ما تقرر من أن الأعمال الصالحة لا توجب أصل الثواب فضلا عن إيجاب مرتبة معينة منه حتى تعد الإنابة بما دونها نقصا وكذلك الأعمال السيئة لا توجب درجة معينة من العذاب حتى يعد التعذيب بما فوقها زيادة وكذا تكليف ما في الوسع وكتب الأعمال ليسا مما يجب عليه سبحانه حتى يعد تركهما ظلما لكمال تنزيه ساحة السبحان عنها بتصويرها بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى وتسميتها باسمه وقوله تعالى «بل قلوبهم في غمرة من هذا» إضراب عما قبله والضمير للكفرة لا للكل كما قبله أي بل قلوب الكفرة في غفلة غامرة لها من هذا الذي بين في القرآن من أن لديه تعالى كتابا ينطق بالحلق ويظهر لهم أعمالهم السيئة على رؤوس الأشهاد فيجزون بها كما ينبيء عنه ما سيأتي من قوله تعالى قد كانت آياتي تتلى عليكم الخ وقيل مما عليه أولئك الموصوفون بالأعمال الصالحة «ولهم أعمال» سيئة كثيرة «من دون ذلك»
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300