من أن يكون له أنداد وأولاد «عالم الغيب والشهادة» بالجر على أنه بدل من الجلالة وقيل صفة لها وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وأيا ما كان فهو دليل آخر على انتفاء الشريك بناء على توافقهم في تفرده تعالى بذلك ولذلك رتب عليه بالفاء قوله تعالى «فتعالى عما يشركون» فإن تفرده تعالى بذلك موجب لتعاليه عن أن يكون له شريك «قل رب إما تريني» أي إن كان لابد من أن تريني «ما يوعدون» من العذاب الدنيوي المستأصل وأما العذاب الأخروي فلا يناسبه المقام «رب فلا تجعلني في القوم الظالمين» أي قرينا لهم فيما هم فيه من العذاب وفيه إيذان بكمال فظاعة ما وعدوه من العذاب وكونه بحيث يجب أن يستعيذ منه من لا يكاد يمكن أن يحيق به ورد لإنكارهم إياه واستعجالهم به على طريقة الاستهزاء به وقيل أمر به صلى الله عليه وسلم هضما لنفسه وقيل لأن شؤم الكفرة قد يحيق بمن وراءهم كقوله تعالى واتقوا فتنة لا تصبن الذين ظلموا منكم خاصة وروى أنه تعالى اخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن له في أمته نقمة ولم يطلعه على وقتها فأمره بهذا الدعاء وتكرير النداء وتصدير كل من الشرط والجزاء به لإبراز كمال الضراعة والابتهال «وإنا على أن نريك ما نعدهم» من العذاب «لقادرون» ولكنا نؤخره لعلمنا بان بعضهم أو بعض أعقابهم سيؤمنون أو لأنا لا نعذبهم وأنت فيهم وقيل قد أراه ذلك وهو ما أصابهم يوم بدر أو فتح مكة ولا يخفى بعده فإن المتبادر أن يكون ما يستحقونه من العذاب الموعود عذابا هائلا مستأصلا لا يظهر على يديه صلى الله عليه وسلم للحكمة الداعية إليه «ادفع بالتي هي أحسن السيئة» وهو الصفح عنها والإحسان في مقابلتها لكن لا بحيث يؤدي إلى وهن في الدين وقيل هي كلمة التوحيد والسيئة الشرك وقيل هو الأمر بالمعروف والسيئة المنكر وهو أبلغ من ادفع بالحسنة السيئة لما فيه من التنصيص على التفضيل وتقديم الجار والمجرور على المفعول في الموضعين للاهتمام «نحن أعلم بما يصفون» أي بما يصفونك به أو بوصفهم إياك على خلاف ما أنت عليه وفيه وعيد لهم بالجزاء والعقوبة وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإرشاد له صلى الله عليه وسلم إلى تفويض أمره إليه تعالى «وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين» أي وساوسهم المغرية على خلاف ما أمرت به من المحاسن التي من جملتها
(١٤٩)