دفع السيئة بالحسنة وأصل الهمز النخس ومنه مهماز الرائض شبه حثهم للناس على المعاصي بهمز الرائض الدواب على الإسراع أو الوثب والجمع للمرات أو لتنوع الوساوس أو لتعدد المضاف إليه «وأعوذ بك رب أن يحضرون» أمر صلى الله عليه وسلم بأن يعوذ به تعالى من حضورهم بعد ما أمر بالعوذ من همزاتهم للمبالغة في التحذير من ملابستهم وإعادة الفعل مع تكرير النداء لإظهار كمال الاعتناء بالمأمور به وعرض نهاية الابتهال في الاستدعاء أي أعوذ بك من أن يحضروني ويحوموا حولي في حال من الأحوال وتخصيص حال الصلاة وقراءة القرآن كما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما وحال حلول الأجل كما روى عن عكرمة رحمه الله لأنها أحرى الأحوال بالاستعاذة منها «حتى إذا جاء أحدهم الموت» حتى هي التي يبتدأ بها الكلام دخلت على الجملة الشرطية وهي مع ذلك غاية لما قبلها متعلقة بيصفون وما بينهما اعتراض مؤكد للإغضاء بالاستعاذة به تعالى من الشياطين أن يزلوه صلى الله عليه وسلم عن الحلم ويغروه على الانتقام لكن لا بمعنى أنه العامل فيه لفساد المعنى بل بمعنى أنه معمول لمحذوف يدل عليه ذلك وتعلقها بكاذبون في غاية البعد لفظا ومعنى أي يسمرون على الوصف المذكور حتى إذا جاء أحدهم أي أحد كان الموت الذي لأمر دله وظهرت له أحوال الآخرة «قال» تحسرا على ما فرط فيه من الإيمان والطاعة «رب ارجعون» أي ردني إلى الدنيا والواو لتعظيم المخاطب وقيل لتكرير قوله ارجعني كما قيل في قفانيك ونظائره «لعلي أعمل صالحا فيما تركت» أي في الإيمان الذي تركته لم ينظمه في سلك الرجاء كسائر الأعمال الصالحة بأن يقول لعلى أو من فأعمل الخ للإشعار بأنه أمر مقرر الوقوع غنى عن الإخبار بوقوعه قطعا فضلا عن كونه مرجو الوقوع أي لعلي أعمل في الإيمان الذي آتى به البتة عملا صلاحا وقيل فيما تركته من المال أو من الدنيا وعنه صلى الله عليه وسلم إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا أنرجعك إلى الدنيا فيقول إلى دار الهموم والأحزان بل قدوما إلى الله تبارك وتعالى وأما الكافر فيقول ارجعوني «كلا» ردع عن طلب الرجعة واستبعاد لها «إنها» أي قوله رب ارجعون الخ «كلمة هو قائلها» لا محالة لتسلط الحسرة عليه «ومن ورائهم» أي أمامهم والضمير لأحدهم والجمع باعتبار المعنى لأنه في حكم كلهم كما أن الإفراد في الضمائر الأول باعتبار اللفظ «برزخ» حائل بينهم وبين الرجعة «إلى يوم يبعثون» يوم القيامة وهو إقناط كلى عن الرجعة إلى الدنيا لما علم أنه لا رجعة يوم البعث إلى الدنيا وإنما الرجعة يومئذ إلى الحياة الأخروية «فإذا نفخ في الصور» لقيام الساعة وهي النفخة الثانية التي يقع عندها البعث والنشور وقيل المعنى فإذا نفخ
(١٥٠)