«وهو الذي ذرأكم في الأرض» أي خلقكم وبثكم فيها بالتناسل «وإليه تحشرون» أي تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم لا إلى غيره فما لكم لا تؤمنون به ولا تشكرونه «وهو الذي يحيي ويميت» من غير أن يشاركه في ذلك شيء من الأشياء «وله» خاصة «اختلاف الليل والنهار» أي هو المؤثر في اختلافهما أي تعاقبهما أو اختلافهما ازديادا وانتقاصا أو لأمره وقضائه اختلافهما «أفلا تعقلون» أي ألا تتفكرون فلا تعقلون أو ألا تتفكرون فلا تعقلون بالنظر والتأمل أن الكل منا وأن قدرتنا تعم جميع الممكنات التي من جملتها البعث وقرئ يعقلون على أن الالتفات إلى الغيبة لحكاية سوء حال المخاطبين لغيرهم وقيل على أن الخطاب الأول لتغليب المؤمنين وليس بذاك «بل قالوا» عطف على مضمر يقتضيه المقام أي فلم يعقلوا بل قالوا «مثل ما قال الأولون» أي آباؤهم ومن دان بدينهم «قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون» تفسير لما قبله من المبهم وتفصيل لما فيه من الإجمال وقد مر الكلام فيه «لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا» أي البعث «من قبل» متعلق بالفعل من حيث إسناده إلى آبائهم لا إليهم أي ووعد آباؤنا من قبل أو بمحذوف وقع حالا من آباؤنا أي كائنين من قبل «إن هذا» أي ما هذا «إلا أساطير الأولين» أي أكاذيبهم التي سطروها جمع أسطورة كأحدوثة وأعجوبة وقيل جمع أسطار جمع سطر «قل لمن الأرض ومن فيها» من المخلوقات تغليبا للعقلاء على غيرهم «إن كنتم تعلمون» جوابه محذوف ثقة بدلالة الاستفهام عليه أي إن كنتم تعلمون شيئا ما فأخبروني به فإن ذلك كاف في الجواب وفيه من المبالغة في وضوح الأمر وفي تجهيلهم ما لا يخفى أو إن كنتم تعلمون ذلك فأخبروني وفيه استهانة بهم وتقرير لجهلهم ولذلك أخبر بجوابهم قبل أن يجيبوا حيث قيل «سيقولون لله» لأن بديهة العقل تضطرهم إلى الاعتراف بأنه تعالى خالقها «قل» أي عند اعترافهم بذلك تبكيتا لهم «أفلا تذكرون» أي أتعلمون ذلك أو أتقولون ذلك فلا تتذكرون أن من فطر الأرض وما فيها ابتداء قادر على إعادتها ثانيا فإن البدء ليس بأهون من الإعادة
(١٤٧)