تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٥٦
والزانية هي المرأة المطاوعة للزنا الممكنة منه كما تنبئ عنه الصيغة لا المزنية كرها وتقديمها على الزاني لأنها الأصل في الفعل لكون الداعية فيها أوفر ولولا تمكينها منه لم يقع ورفعهما على الابتداء والخبر قوله تعالى «فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة» والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذا اللام بمعنى الموصول والتقدير التي زنت والذي زنى كما في قوله تعالى واللذان يأتياها منكم فآذوهما وقيل الخبر محذوف أي فيما أنزلنا أو فيما فرضنا الزانية والزاني أي حكمهما وقوله تعالى فاجلدوا الخ بيان لذلك الحكم وكان هذا عاما في حق المحصن وغيره وقد نسخ في حق المحصن قطعا ويكفينا في تعيين الناسخ القطع بأنه صلى الله عليه وسلم قد رجم ماعزا أو غيره فيكون من باب نسخ الكتاب بالسنة المشهورة وفي الإيضاح الرجم حكم ثبت بالسنة المشهورة المتفق عليها فجازت الزيادة بها على الكتاب وروى عن علي رضي الله عنه جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل نسخ بآية منسوخة التلاوة وهي الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ويأباه ما روي عن علي رضي الله عنه «ولا تأخذكم بهما رأفة» وقرئ بفتح الهمزة وبالمد أيضا على فعالة أي رحمة ورقة «في دين الله» في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أو تسامحوه فيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها «إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر» من باب التهييج والإلهاب فإن الإيمان بهما يقتضي الجد في طاعته تعالى والاجتهاد في إجراء أحكامه وذكر اليوم الآخر لتذكير ما فيه من العقاب في مقابلة المسامحة والتعطيل «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» أي لتحضره زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب والطائفة فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة كما روي عن قتادة وعن ابن عباس رضي الله عنهما أربعة إلى أربعين وعن الحسن عشرة والمراد جمع يحصل به التشهير والزجر «الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك» حكم مؤسس على الغالب المعتاد جئ به لزجر المؤمنين بهن وقد رغب بعض من ضعفه المهاجرين في نكاح موسرات كانت بالمدينة من بغايا المشركين فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فنفروا عنه ببيان أنه من أفعال الزناة وخصائص المشركين كأنه قيل الزاني لا يرغب إلا في نكاح إحداهما والزانية لا يرغب في نكاحها إلا أحدهما فلا تحوموا حوله كيلا تنتظموا في سلكهما أو تتسموا بسمتهما فإيراد الجملة الأولى مع أن مناط التنفير هي الثانية إما للتعريض بقصرهم الرغبة عليهن حيث استأذنوا في نكاحهن أو لتأكيد العلاقة بين الجانبين مبالغة في الزجر والتنفير وعدم التعرض في الجملة الثانية للمشركة للتنبيه على أن مناط الزجر والتنفير هو الزنا لا مجرد الإشراك وإنما تعرض لها في الأولى إشباعا في التنفير عن الزانية بنظمها في سلك المشركة «وحرم ذلك» أي نكاح الزواني «على المؤمنين» لما أن فيه من التشبه بالفسقة والتعرض للتهمة والتسبب لسوء القالة والطعن في النسب واختلال
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300