تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٦٣
يحدث في الآخرة والتأكيد بأن واللام لما أن الأمور الأخروية خفية عند المخاطبين فحاجتها إلى التأكيد أشد من الأمور التي تشاهد آثارها وكلمة في متعلقة بالصالحين على أن اللام للتعريف وليست بموصولة حتى يلزم تقديم بعض الصلة عليها على أنه قد يغتفر في الظرف مالا يغتفر في غيره كما في قوله * ربيته حتى إذا تمعددا * كان جزائي بالعصا أن أجلدا * أو بمحذوف من لفظه أي وأنه لصالح في الآخرة لمن الصالحين أو من غير لفظه أي اعني في الآخرة نحو لك بعد رعيا وقيل هي متعلقة باصطفيناه على ان في النظم الكريم تقديما وتأخيرا تقديره ولقد اصطفيناه في الدنيا والآخرة وإنه لمن الصالحين «إذ قال له» ظرف لاصطفيناه لما أن المتوسط ليس بأجنبي بل هو مقرر له لأن اصطفاءه في الدنيا إنما هو للنبوة وما يتعلق بصلاح الآخرة أو تعليل له أو منصوب باذكر كأنه قيل اذكر ذلك الوقت لتقف على أنه المصطفى الصالح المستحق للإمامة والتقدم وأنه ما نال الا بالمبادرة إلى الإذعان والانقياد لما أمر به واخلاص سره على أحسن ما يكون حين قال له «ربه أسلم» أي لربك «قال أسلمت لرب العالمين» وليس الأمر على حقيقته بل هو تمثيل والمعنى أخطر بباله دلائل التوحيد المؤدية إلى المعرفة الداعية إلى الاسلام من الكوكب والقمر والشمس وقيل اسلم أي أذعن واطع وقيل أثبت على ما أنت عليه من الاسلام والاخلاص أو استقم وفوض أمورك إلى الله تعالى فالامر على حقيقته والالتفات مع التعرض لعنوان الربوبية والإضافة اليه عليه السلام لإظهار مزيد اللطف به والاعتناء بتربيته وإضافة الرب في جوابه عليه الصلاة والسلام إلى العالمين للإيذان بكمال قوة اسلامه حيث أيقن حين النظر بشمول ربوبيته للعالمين قاطبة لا لنفسه وحده كما هو المأمور به «ووصى بها إبراهيم بنيه» شروع في بيان تكميله عليه السلام لغيره اثر بيان كماله في نفسه وفيه توكيد لوجوب الرغبة في ملته عليه السلام والتوصية التقدم إلى الغير بما فيه خير وصلاح للمسلمين من فعل أو قول واصلها الوصلة يقال وصاه إذا وصله وفصاه إذا فصله كأن الموصي يصل فعله بفعل الوصي والضمير في بها للملة أو قوله أسلمت لرب العالمين بتأويل الكلمة كما عبر بها عن قوله تعالى «إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني» في قوله عز وجل «وجعلها كلمة باقية في عقبه» وقرئ أوصي والأول أبلغ «ويعقوب» عطف على إبراهيم أي وصى بها هو أيضا وقرئ بالنصب عطفا على بنيه «يا بني» على اضمار القول عند البصريين ومتعلق بوصي عند الكوفيين لأنه في معنى القول كما في قوله رجلان من ضبة أخبرانا * انا رأينا رجلا عريانا فهو عند الأولين بتقدير القول وعند الآخرين متعلق بالإخبار الذي هو في معنى القول وقرئ ان يا بني وبنو إبراهيم عليه السلام كانوا أربعة إسماعيل وإسحاق ومدين ومدان وقيل ثمانية وقيل أربعة وعشرين وكان بنو يعقوب اثني عشر روبين وشمعون ولاوي ويهوذا ويشسوخور وزبولون وزوانا وتفتونا
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271