للأمر أي إن تكونوا كذلك «قل» خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي قل لهم على سبيل الرد عليهم وبيان ما هو الحق لديهم وارشادهم اليه «بل ملة إبراهيم» أي لا نكون كما تقولون بل نكون أهل ملته عليه السلام وقيل بل نتبع ملته عليه السلام وقد جوز ان يكون المعنى بل اتبعوا أنتم ملته عليه السلام أو كونوا أهل ملته وقرئ بالرفع أي بل ملتنا أو أمرنا ملته أو نحن ملته أي أهل ملته «حنيفا» أي مائلا عن الباطل إلى الحق وهو حال من المضاف اليه كما في رأيت وجه هند قائمة أو المضاف كما في قوله تعالى ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا الخ «وما كان من المشركين» تعريض بهم وايذان ببطلان دعواهم اتباعه عليه السلام مع إشراكهم بقولهم عزير ابن الله والمسيح ابن الله «قولوا» خطاب للمؤمنين بعد خطابه عليه السلام برد مقالتهم الشنعاء على الإجمال وارشاد لهم إلى طريق التوحيد والايمان على ضرب من التفصيل أي قولوا لهم بمقابلة ما قالوا تحقيقا وارشاد ضمنيا لهم اليه «آمنا بالله وما أنزل إلينا» يعني القرآن قدم على سائر الكتب الإلهية مع تأخره عنها نزولا لاختصاصه بنا وكونه سببا للإيمان بها «وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط» الصحف وان كانت نازلة إلى إبراهيم عليه السلام لكن من بعده حيث كانوا متعبدين بتفاصيلها داخلين تحت أحكامها جعلت منزلة إليهم كما جعل القرآن منزلا الينا والأسباط جمع سبط وهو الحافد والمراد بهم حفدة يعقوب عليه السلام أو أبناؤه الا ثنا عشر وذراريهم فإنهم حفدة إبراهيم واسحق «وما أوتي موسى وعيسى» من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات الباهرة الظاهرة بأيديهما حسبما فصل في التنزيل الجليل وايراد الايتاء لما أشير اليه من التعميم وتخصيصهما بالذكر لما أن الكلام مع اليهود والنصارى «وما أوتي النبيون» أي جملة المذكورين وغيرهم «من ربهم» من الآيات البينات والمعجزات الباهرات «لا نفرق بين أحد منهم» كدأب اليهود والنصارى آمنوا ببعض وكفروا ببعض وانما اعتبروا عدم التفريق بينهم مع ان الكلام فيما أوتوه لاستلزام عدم التفريق بينهم بالتصديق والتكذيب لعدم التفريق بين ما أوتوه وهمزة أحد اما أصلية فهو اسم موضوع لمن يصلح ان يخاطب يستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث ولذلك صح دخول بين عليه كما في مثل المال بين الناس ومنه ما في قوله صلى الله عليه وسلم ما أحلت الغنائم لأحد سود الرؤوس غيركم حيث وصف بالجمع واما مبدلة من الواو فهو بمعنى واحد وعمومه لوقوعه في حيز النفي وصحة دخول بين عليه باعتبار معطوف قد حذف لظهوره أي بين أحد منهم وبين غيره كما في قول النابغة * فما كان بين الخير لوجاء سالما * أبو حجر الا ليال قلائل * أي بين الخير وبيني وفيه من الدلالة صريحا على تحقق عدم التفريق بين كل فرد فرد منهم وبين من عداه كائنا من كان ما ليس في ان يقال لا نفرق بينهم والجملة حال من الضمير في آمنا وقوله عز وجل «ونحن له مسلمون» أي مخلصون له ومذعنون حال أخرى منه أو عطف على آمنا
(١٦٦)