تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٦٠
وكان موضعه خاليا إلى زمن إبراهيم عليه السلام فأمره سبحانه ببنائه وعرفه جبريل عليه السلام بمكانه وقيل بعث الله السكينة لتدله عليه فتبعها إبراهيم عليه السلام حتى أتيا مكة المعظمة وقيل بعث الله تعالى سحابة على قدر البيت وسار إبراهيم في ظلها إلى أن وافت مكة المعظمة فوقفت في موضع البيت فنودي أن ابن على ظلها ولا تزد ولا تنقص وقيل بناه من خمسة أجبل طور سيناء وطور زيتا ولبنان والجودي وأسسه من حراء وجاء جبريل عليه السلام بالحجر السود من السماء وقيل تمخض أبو قبيس فانشق عنه وقد خبئ فيه في أيام الطوفان وكان ياقوته بيضاء من يواقيت الجنة فلما لمسته الحيض في الجاهلية اسود وقال الفاسي في مثير الغرام في تاريخ البلد الحرام والذي يتحصل من جملة ما قيل في عدد بناء الكعبة أنها بنيت عشر مرات منها بناء الملائكة عليهم السلام وذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات والأزرقي في تاريخه وذكر أنه كان قبل خلق آدم عليه السلام ومنها بناء آدم عليه السلام ذكره البيهقي في دلائل النبوة وروى فيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال بعث الله عز وجل حبريل إلى آدم عليهما السلام فقال له ولحواء ابنيا لي بيتا فخط جبريل وجعل آدم يحفر وحواء تنقل التراب حتى إذا أصاب الماء نودي من تحته حسبك آدم فلما بنياه أوحى إليه أن يطوف به فقيل له أنت أول الناس وهذا أول بيت وهكذا ذكره الأزرقي في تاريخه وعبد الرزاق في مصنفه ومنها بناء بنى آدم عند ما رفعت الخيمة التي عزى الله تعالى بها آدم عليه السلام وكانت ضربت في موضع البيت فبنى بنوه مكانها بيتا من الطين والحجارة فلم يزل معمورا يعمرونه هم ومن بعدهم إلى أن مسه الغرق في عهد نوح عليه السلام ذكره الأزرقي بسنده إلى وهب بن منبه ومنها بناء الخليل عليه السلام وهو منصوص عليه في القرآن مشهور في ما بين قاص ودان ومنها بناء العمالقة ومنها بناء جرهم ذكرهما الأزرقي بسنده إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومنها بناء قصى بن كلاب ذكره الزبير بن بكار في كتاب النسب ومنها بناء قريش وهو مشهور ومنها بناء عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ومنها بناء الحجاج بن يوسف وما كان ذلك بناء لكلها بل لجدار من جدرانها وقال الحافظ السهيلي ان بناءها لم يكن في الدهر إلا خمس مرات الأولى حين بناها شيث عليه السلام انتهى والله سبحانه أعلم «وإسماعيل» عطف على إبراهيم ولعل تأخيره عن المفعول للإيذان بان الأصل في الرفع هو إبراهيم وإسماعيل تبع له قيل إنه كان يناوله الحجارة وهو يبنيها وقيل كانا يبنيانه من طرفين «ربنا تقبل منا» على إرادة القول أي يقولان وقد قرئ به على أنه حال منهما عليهما السلام وقيل على أنه هو العامل في إذ والجملة معطوفة على ما قبلها والتقدير يقولان ربنا تقبل منا إذ يرفعان أي وقت رفعهما وقيل وإسماعيل مبتدأ خبره قول محذوف وهو العامل في ربنا تقبل منا فيكون إبراهيم هو الرافع وإسماعيل هو الداعي والجملة في محل النصب على الحالية أي وإذ يرفع إبراهيم القواعد والحال أن إسماعيل يقول ربنا تقبل منا والتعرض لوصف الربوبية المنبئة عن إفاضة ما فيه صلاح المربوب مع الإضافة إلى ضميرها عليهما السلام لتحريك سلسلة الإجابة وترك مفعول تقبل مع ذكره في قوله تعالى ربنا وتقبل دعاء وغيره من القرب والطاعات التي من جملتها ما هما بصدده من البناء كما يعرب عنه جعل الجملة الدعائية حالية «إنك أنت السميع» لجميع المسموعات التي من جملتها دعاؤنا «العلم» بكل
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271