تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٦٥
على الاختصاص «ونحن له مسلمون» حال من فاعل نعبد أو من مفعوله أو منهما معا ويحتمل أن يكون اعتراضا محققا لمضمون ما سبق «تلك أمة» مبتدأ وخبر والإشارة إلى إبراهيم ويعقوب وبنيهما الموحدين والأمة هي الجماعة التي تؤمها فرق الناس أي يقصدونها ويقتدون بها «قد خلت» صفة للخبر أي مضت بالموت وانفردت عمن عداها وأصله صارت إلى الخلاء وهي الأرض التي لا أنيس بها «لها ما كسبت» جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب أو صفة أخرى لأمة أوحال من الضمير في خلت وما موصولة أو موصوفة والعائد إليها محذوف أي لها ما كسبته من الأعمال لصالحة المحكية لا تتخطاها إلى غيرها فإن تقديم المسند يوجب قصر المسند إليه كما هو المشهور «ولكم ما كسبتم» عطف على نظيرتها على الوجه الأول وجملة مبتدأة على الوجهين الأخيرين إذ لا رابط فيها ولا بد منه في الصفة ولا مقارنة في الزمان ولابد منها في الحال أي لكم ما كسبتموه لا ما كسبه غيركم فإن تقديم المسند قد يقصد به قصره على المسند إليه كما قيل في قوله تعالى لكم دينكم ولي دين أي ولى ديني لا دينكم وحمل الجملة الأولى على هذا القصر على معنى أن أولئك لا ينفعهم إلا ما اكتسبوا كما قيل مما لا يساعده المقام إذ لا يتوهم متوهم انتفاعهم بكسب هؤلاء حتى يحتاج إلى بيان امتناعه وإنما الذي يتوهم انتفاع هؤلاء بكسبهم فبين امتناعه بأن أعمالهم الصالحة مخصوصة بهم لا تتخطاهم إلى غيرهم وليس لهؤلاء إلا ما كسبوا فلا ينفعهم انتسابهم إليهم وإنما ينفعهم اتباعهم لهم في الأعمال كما قال عليه السلام يا بني هاشم لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم «ولا تسألون عما كانوا يعملون» ان أجري السؤال على ظاهره فالجملة مقررة لمضمون ما مر من الجملتين تقريرا ظاهرا وان أريد به مسببه اعني الجزاء فهو تتميم لما سبق جار مجرى النتيجة له وأيا ما كان فالمراد تخييب المخاطبين وقطع أطماعهم الفارغة عن الانتفاع بحسنات الأمة الخالية وانما اطلق العمل لإثبات الحكم بالطريق البرهاني في ضمن قاعدة كلية هذا وقد جعل السؤال عبارة عن المؤاخذة والموصول عن السيئات فقيل أي لا تؤاخذون بسيئاتهم كما لا تثابون بحسناتهم ولا ريب في أنه مما لا يليق بشأن التنزيل كيف لا وهم منزهون من كسب السيئات فمن أين يتصور تحميلها على غيرهم حتى يتصدى لبيان انتفاعه «وقالوا» شروع في بيان فن آخر من فنون كفرهم وهو اضلالهم لغيرهم اثر بيان ضلالهم في أنفسهم والضمير لأهل الكتابين على طريقة الالتفات المؤذن باستيجاب حالهم لإبعادهم من مقام المخاطبة والإعراض عنهم وتعديد جناياتهم عند غيرهم قالوا للمؤمنين «كونوا هودا أو نصارى» ليس هذا القول مقولا لكلهم أو لأي طائفة كانت من الطائفتين بل هو موزع عليهما على وجه خاص يقتضيه حالهما اقتضاء مغنيا عن التصريح به أي قالت اليهود كونوا هودا والنصارى كونوا نصارى ففعل بالنظم الكريم ما فعل بقوله تعالى وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا أو نصارى اعتمادا على ظهور المرام «تهتدوا» جواب
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 3
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 7
3 2 - سورة البقرة 20
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 71
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 97
6 وإذا استسقى موسى لقومه 105
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 116
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 130
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 142
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 154
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 170
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 181
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 192
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 203
15 واذكروا الله في أيام معدودات 210
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 218
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 230
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 237
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 245
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 258
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 264
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 271