وقوله تعالى: (وأوحى في كل سماء أمرها) قال مجاهد وقتادة: أوحى إلى سكانها وعمرتها من الملائكة وإليها هي في نفسها - ما شاء تعالى - من الأمور التي بها قوامها وصلاحها.
وقوله: (ذلك) إشارة إلى جميع ما ذكر أي أوجده بقدرته وأحكمه بعلمه.
وقوله تعالى: (فإن أعرضوا) يعني: قريشا والعرب الذين دعوتهم إلى عبادة الله تعالى عن هذه الآيات البينات (فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) وقرأ النخعي وغيره (صعقة) فيهما وهذه قراءة بينة المعنى لأن الصعقة الهلاك الوحي وأما الأولى فهي تشبيه بالصاعقة وهي الوقعة الشديدة من صوت الرعد فشبهت هنا وقعة العذاب بها لأن عادا لم تعذب الا بريح وانما هذا تشبيه واستعارة وعبارة الثعلبي:
(صاعقة) أي واقعة وعقوبة مثل صاعقة عاد وثمود انتهى قال (ع) وخص عادا وثمودا بالذكر لوقوف قريش على بلادها في اليمن وفي الحجر في طريق الشام قال الثعلبي: و (من بين أيديهم ومن خلفهم) يعني قبلهم وبعدهم وقامت الحجة عليهم في أن الرسالة والنذارة عمتهم خبرا ومباشرة وقال (ع) قوله (ومن خلفهم) أي جاءهم رسول بعد اكتمال أعمارهم وبعد تقدم وجودهم في الزمن فلذلك قال (ومن خلفهم) ولا يتوجه أن يجعل (ومن خلفهم) عبارة عما أتى بعدهم لأن ذلك لا يلحقهم منه تقصير.
* ت * وما تقدم للثعلبي وغيره أحسن لأن مقصد الآية اتصال النذارة بهم وبمن قبلهم وبمن بعدهم إذ ما من أمة الا وفيها نذير وكما قال تعالى: (رسلنا تترا...) [المؤمنون: 44] وأيضا فإنه جمع في اللفظ عادا وثمود وبالضرورة أن الرسول الذي أرسل إلى ثمود هو بعد عاد فليس لرد (ع) وجه فتأمله.