عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال حدثنا العتكي قال حدثنا خالد أبو يزيد الرقي عن يحيى المدني عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: خرجت مرة فمررت بقبر من قبور الجاهلية فإذا رجل قد خرج من القبر يتأجج نارا في عنقه سلسلة ومعي إداوة من ماء فلما رآني قال: يا عبد الله اسقني قال: فقلت: عرفني فدعاني باسمي أو كلمة تقولها العرب: يا عبد الله إذ خرج على أثره رجل من القبر فقال: يا عبد الله لا تسقه فإنه كافر ثم أخذ السلسلة فاجتذبه فادخله القبر قال: ثم أضافني الليل إلى بيت عجوز إلى جانبها قبر فسمعت من القبر صوتا يقول: / بول وما بول شن وما شن فقلت للعجوز:
ما هذا قالت: كان زوجا لي وكان إذا بال لم يتق البول وكنت أقول له: ويحك إن الجمل إذا بال تفاج وكان يأبى فهو ينادي من يوم مات: بول وما بول قلت: فما الشن؟ قالت: جاء رجل عطشان فقال: اسقني فقال: دونك الشن فإذا ليس فيه شئ فخر الرجل ميتا فهو ينادي منذ مات: شن وما شن فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فنهى: أن يسافر الرجل وحده. قال أبو عمر: هذا الحديث في اسناد مجهولون ولم نورده للاحتجاج به ولكن للاعتبار وما لم يكن حكم فقد تسامح الناس في روايته عن الضعفاء انتهى من ترجمة عبد الرحمن بن حرملة وكلامه على قول النبي صلى الله عليه وسلم " الشيطان يهم بالواحد والاثنين فإذا كانوا ثلاثة لم يهم بهم " وقد ذكرنا الحكاية الأولى عن الوائلي في سورة (اقرأ باسم ربك) بغير هذا السند وأن الرجل الأول هو أبو جهل انتهى ثم ذكر تعالى مقالة كفار يوم القيامة إذا دخلوا النار فإنهم يرون عظيم ما حل بهم وسوء منقلبهم فتجول أفكارهم فيمن كان سبب غوايتهم ومبادي ضلالتهم فيعظم غيظهم وحنقهم عليه ويودون ان يحصل في أشد عذاب فحينئذ يقولون (ربنا أرنا اللذين أضلانا) وظاهر اللفظ يقتضي أن الذي في قولهم (اللذين) انما هو للجنس أي أرنا كل مغو من الجن والإنس وهذا قول جماعة من المفسرين.
وقيل طلبوا ولد آدم الذي سن القتل والمعصية من البشر وإبليس الأبالسة من الجن وهذا قول لا يخفى ضعفه والأول هو / القوي وقولهم (نجعلهما تحت أقدامنا) يريدون في أسفل طبقة في النار وهي أشد عذابا.