وقوله تعالى: (وإما ينزغنك الشيطان نزغ فاستعذ بالله) " أما " شرط وجواب الشرط قوله (فاستعذ) والنزغ فعل الشيطان في قلب أو يد من القاء غضب أو حقد أو بطش في اليد.
فمن الغضب هذه الآية ومن الحقد قوله (نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي) [يوسف: 100] ومن البطش قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يشر أحدكم على أخيه بالسلاح لا ينزغ الشيطان في يده فيلقيه في حفرة من حفر النار " ومن دعاء الشيخ الولي العارف بالله سبحانه محمد بن مسرة القرطبي اللهم لا تجعل صدري للشيطان مراغا ولا تصير قلبي له مجالا ولا تجعلني ممن استفزه بصوته واجلب عليه بخيله ورجله وكن لي من حبائله منجيا ومن مصائده منقذا ومن غوايته مبعدا اللهم أنه وسوس في القلب وألقى في النفس مالا يطيق اللسان ذكره ولا تستطيع النفس نشره مما نزهك عنه علو عزك وسمو مجدك فأزل يا سيدي ما سطر وامح ما زور بوابل من سحائب عظمتك وطوفان من بحار نصرتك واسلل عليه سيف إبعادك وارشقه لا بسهام إقصائك أن وأحرقه بنار انتقامك واجعل خلاصي منه زائدا في حزنه ومؤكدا لأسفه على ثم قال رحمه الله: اعلم أنه ربما كان العبد في خلوته مشتغلا بتلاوته ويجد في نفسه من الوسوسة ما يجول بينه وبين ربه حتى لا يجد لطعم الذكر حلاوة ويجد في قلبه قساوة وربما اعتراه ذلك مع الاجتهاد في قراءته وعلة ذلك أن الذكر ذكران ذكر خوف ورهبة وذكر أمن وغفلة فإذا كان [الذكر بالخوف والرهبة خنس الشيطان ولم يحتمل الحملة وأذهب الوسوسة لأن الذكر إذا كان] باجتماع القلب وصدق النية لم يكن للشيطان قوة عند ذلك وانقطعت علاق حيله وانما قوته ووسوسته مع الغفلة وإذا كان [الذكر بالأمن والغفلة لم تفارقه الوسوسة وان استدام العبد الذكر والقراءة لأن على قلب الغافل غشاوة ولا يجد] صاحبها لطعم الذكر حلاوة فتحفظ على دينك من هذا العدو وليس لك أن تزيله عن