قوله تعالى: فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبى أو يحكم الله وهو خير الحاكمين (80) قوله تعالى: (فلما استيئسوا منه) أي يئسوا، مثل عجب واستعجب، وسخر واستسخر. (خلصوا) أي انفردوا وليس هو معهم. (نحيا) نصب على الحال من المضمر في " خلصوا " وهو واحد يؤدي عن جمع، كما في هذه الآية، ويقع على الواحد كقوله تعالى:
" وقربناه نجيا " (1) [مريم: 52] وجمعه أنجية، قال الشاعر:
إني إذا ما القوم كانوا أنجية * واضطرب القوم اضطراب الأرشية * هناك أوصيني ولا توصي بيه وقرأ ابن كثير: " استايسوا " " ولا تايسوا " " إنه لا يايس " " أفلم يايس " بألف من غير همز على القلب، قدمت الهمزة وأخرت الياء، ثم قلبت الهمزة ألفا لأنها ساكنة قبلها فتحة، والأصل قراءة الجماعة، لأن المصدر ما جاء إلا على تقديم الياء - يأسا - والإياس ليس بمصدر أيس، بل هو مصدر أسته أوسا وإياسا أي أعطيته. وقال قوم:
أيس ويئس لغتان، أي فلما يئسوا من رد أخيهم إليهم تشاوروا فيما بينهم لا يخالطهم غيرهم من الناس، يتناجون فيما عرض لهم. والنجي فعيل بمعنى المناجي.
قوله تعالى: (قال كبيرهم) قال قتادة: وهو روبيل، كان أكبرهم في السن. مجاهد:
هو شمعون، كان أكبرهم في الرأي. وقال الكلبي: يهوذا، وكان أعقلهم. وقال محمد بن كعب وابن إسحاق: هو لاوي، وهو أبو الأنبياء. (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم