والتخسير لهم لا له صلى الله عليه وسلم. كأنه قال: غير تخسير لكم لا لي. وقيل: المعنى ما تزيدونني باحتجاجكم بدين آبائكم غير بصيرة بخسارتكم، عن ابن عباس.
قوله تعالى: (ويا قوم هذه ناقة الله) ابتداء وخبر. (لكم آية) نصب على الحال، والعامل معنى الإشارة أو التنبيه في " هذه ". وإنما قيل: ناقة الله، لأنه أخرجها من جبل - على ما طلبوا - على أنهم يؤمنون. وقيل: أخرجها من صخرة صماء منفردة في ناحية الحجر يقال لها الكاثبة (1)، فلما خرجت الناقة - على ما طلبوا - قال لهم [نبي الله (2)] صالح:
" هذه ناقة الله لكم آية ". (فذروها تأكل) أمر وجوابه، وحذفت النون من " فذروها " . لأنه أمر. ولا يقال: وذر ولا واذر إلا شاذا. وللنحويين فيه قولان، قال سيبويه:
استغنوا عنه بترك. وقال غيره: لما كانت الواو ثقيله وكان في الكلام فعل بمعناه لا واو فيه ألغوه، قال أبو إسحاق الزجاج: ويجوز رفع " تأكل " على الحال والاستئناف. (ولا تمسوها) جزم بالنهي. (بسوء) قال الفراء: بعقر. (فيأخذكم) جواب النهى. (عذاب قريب) أي قريب من عقرها.
قوله تعالى: (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) فيه مسئلتان: الأولى - قوله تعالى: (فعقروها) إنما عقرها بعضهم، وأضيف إلى الكل لأنه كان برضا الباقين. وقد تقدم الكلام في عقرها في " الأعراف " (3). ويأتي أيضا. (فقال تمتعوا) أي قال لهم صالح تمتعوا، أي بنعم الله عز وجل قبل العذاب. (في داركم) أي في بلدكم، ولو أراد المنزل لقال في دوركم. وقيل: أي يتمتع كل واحد منكم في داره ومسكنه، كقوله: " يخرجكم طفلا " (4) أي كل واحد طفلا. وعبر عن التمتع بالحياة لأن الميت لا يتلذذ ولا يتمتع بشئ، فعقرت يوم الأربعاء، فأقاموا يوم الخميس والجمعة والسبت وأتاهم العذاب يوم الأحد. وإنما أقاموا ثلاثة أيام، لأن الفصيل رغا ثلاثا على ما تقدم في " الأعراف " فاصفرت ألوانهم في اليوم الأول، ثم احمرت في اليوم الثاني، ثم اسودت في اليوم الثالث، وهلكوا في الرابع، وقد تقدم في " الأعراف ".