الثانية - قوله تعالى: (قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره) تقدم.
(هو أنشأكم من الأرض) أي ابتدأ خلقكم من الأرض، وذلك أن آدم خلق من الأرض على ما تقدم في " البقرة " (1) و " الأنعام " (2) وهم منه، وقيل: " أنشأكم في الأرض ". ولا يجوز إدغام الهاء من " غيره " في الهاء من " هو " إلا على لغة من حذف الواو في الإدراج.
(واستعمركم فيها) أي جعلكم عمارها وسكانها. قال مجاهد: ومعنى " استعمركم " أعمركم من قوله: أعمر فلان فلانا داره، فهي له عمرى. وقال قتادة: أسكنكم فيها، وعلى هذين القولين تكون استفعل بمعنى أفعل، مثل استجاب بمعنى أجاب. وقال الضحاك: أطال أعماركم، وكانت أعمارهم من ثلاثمائة إلى ألف. ابن عباس: أعاشكم فيها. زيد بن أسلم:
امركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من بناء مساكن، وغرس أشجار. وقيل: المعنى ألهمكم عمارتها من الحرث والغرس وحفر الأنهار وغيرها. الثالثة - قال ابن عربي قال بعض علماء الشافعية: الاستعمار طلب العمارة، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب، قال القاضي أبو بكر: تأتى كلمة استفعل في لسان العرب على معان: منها، استفعل بمعنى طلب الفعل كقوله: استحملته أي طلبت منه حملانا، وبمعنى اعتقد، كقولهم: استسهلت هذا الأمر اعتقدته سهلا، أو وجدته سهلا، واستعظمته أي اعتقدته عظيما ووجدته، ومنه استفعلت بمعنى أصبت، كقولهم: استجدته أي أصبته (3) جيدا: ومنها بمعنى فعل: كقوله: قر في المكان واستقر، وقالوا وقوله:
" يستهزئون " و " يستسخرون " منه، فقوله تعالى: " استعمركم فيها " خلقكم لعمارتها "، لا معنى استجدته واستسهلته، أي أصبته جيدا وسهلا، وهذا يستحيل في الخالق، فيرجع إلى أنه خلق، لأنه الفائدة، وقد يعبر عن الشئ بفائدته مجازا، ولا يصح ان يقال إنه طلب من الله لعمارتها، فإن هذا اللفظ لا يجوز في حقه، أما أنه يصح أن يقال: أنه استدعى