لأنه تعالى علق العدة بالوفاة أو الطلاق، ولأنها لو علمت بموته فتركت الاحداد أنقصت (1) العدة، فإذا تركته مع عدم العلم فهو أهون، ألا ترى أن الصغيرة تنقضي عدتها ولا إحداد عليها. وأيضا فقد أجمع العلماء على أنها لو كانت. حاملا لا تعلم طلاق الزوج أو وفاته ثم وضعت حملها أن عدتها منقضية. ولا فرق بين هذه المسألة وبين المسألة المختلف فيها.
ووجه من قال بالعدة من يوم يبلغها الخبر، أن العدة عبادة بترك الزينة وذلك لا يصح إلا بقصد ونية، والقصد لا يكون إلا بعد العلم. والله أعلم.
الموفية عشرين - عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل - [وعدة (2) جميعهن إلا الأمة] أربعة أشهر وعشرة أيام، لعموم الآية في قوله تعالى: " يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ". وعدة الأمة المتوفى عنها زوجها شهران وخمس ليال.
قال ابن العربي: نصف عدة الحرة إجماعا، إلا ما يحكى عن الأصم فإنه سوى فيها بين الحرة والأمة وقد سبقه الاجماع، لكن لصممه لم يسمع. قال الباجي: ولا نعلم في ذلك خلافا إلا ما يروى عن ابن سيرين، وليس بالثابت عنه أنه قال: عدتها عدة الحرة.
قلت: قول الأصم صحيح من حيث النظر، فإن الآيات الواردة في عدة الوفاة والطلاق بالأشهر والأقراء عامة في حق الأمة والحرة، فعدة الحرة والأمة سواء على هذا النظر، فإن العمومات لا فصل فيها بين الحرة والأمة، وكما استوت الأمة والحرة في النكاح فكذلك تستوى معها في العدة. والله أعلم. قال ابن العربي: وروى عن مالك أن الكتابية تعتد بثلاث حيض إذ بها يبرأ الرحم، وهذا منه فاسد جدا، لأنه أخرجها من عموم آية الوفاة وهي منها، وأدخلها في عموم آية الطلاق وليست منها (3).
قلت: وعليه بناء ما في المدونة لا عدة عليها إن كانت غير مدخول بها، لأنه قد علم براءة رحمها، هذا يقتضى أن تتزوج مسلما أو غيره إثر وفاته، لأنه إذا لم يكن عليها عدة للوفاة ولا استبراء للدخول فقد حلت للأزواج.