وقوله (عليكم فيما عرضتم) المخاطبة لجميع الناس، والمراد بحكمها هو الرجل الذي في نفسه تزوج معتدة لا وزر عليكم في التعريض بالخطبة في عدة الوفاة. والتعريض: ضد التصريح، وهو إفهام المعنى بالشئ المحتمل له ولغيره وهو من عرض الشئ وهو جانبه، كأنه يحوم به على الشئ ولا يظهره. وقيل، هو من قولك عرضت الرجل، أي أهديت إليه تحفة، وفى الحديث: أن ركبا من المسلمين عرضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا، أي أهدوا لهما. فالمعرض بالكلام يوصل إلى صاحبه كلاما يفهم معناه.
الثانية - قال ابن عطية: أجمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزوجها وتنبيه عليه لا يجوز، وكذلك أجمعت الأمة على أن الكلام معها بما هو رفث وذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز، وكذلك ما أشبهه، وجوز ما عدا ذلك. ومى أعظمه قربا إلى التصريح قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: " كوني عند أم شريك ولا تسبقيني بنفسك ". ولا يجوز التعريض لخطبة الرجعية إجماعا لأنها كالزوجة.
وأما من كانت في عدة البينونة فالصحيح جواز التعريض لخطبتها والله أعلم. وروى في تفسير التعريض ألفاظ كثيرة جماعها يرجع إلى قسمين: الأول - أن يذكرها لوليها يقول له لا تسبقني بها. والثاني - أن يشير بذلك إليها دون واسطة، فيقول لها: إني أريد التزويج، أو إنك لجميلة، إنك لصالحة، إن الله لسائق إليك خيرا، إني فيك لراغب، ومن يرغب عنك!
إنك لنافقة (1)، وإن حاجتي في النساء، وإن يقدر الله أمرا يكن. هذا هو تمثيل مالك وابن شهاب. وقال ابن عباس: لا بأس أن يقول: لا تسبقيني بنفسك، ولا بأس أن يهدى إليها، وأن يقوم بشغلها في العدة إذا كانت من شأنه، قاله إبراهيم. وجائز أن يمدح نفسه ويذكر مآثره على وجه التعريض بالزواج، وقد فعله أبو جعفر محمد بن علي بن حسين، قالت سكينة بنت حنظلة استأذن على محمد بن علي ولم تنقض عدتي من مهلك زوجي فقال: قد عرفت قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابتي من على وموضعي في العرب. قلت