كننته أي صنته حتى لا تصيبه آفة وإن لم يكن مستورا، ومنه بيض مكنون ودر مكنون.
وأكننته أسررته وسترته. وقيل: كنت الشئ (من الأجرام) إذا سترته بثوب أو بيت أو أرض ونحوه. وأكننت الامر في نفسي. ولم يسمع من العرب " كننته في نفسي ".
ويقال: أكن البيت الانسان، ونحو هذا. فرفع الله الجناح عمن أراد تزوج المعتدة مع التعريض ومع الأكنان، ونهى عن المواعدة التي هي تصريح بالتزويج وبناء عليه واتفاق على وعد. ورخص لعلمه تعالى بغلبة النفوس وطمحها (1) وضعف البشر عن ملكها.
الخامسة - استدلت الشافعية بهذه الآية على أن التعريض لا يجب فيه حد، وقالوا:
لما رفع الله تعالى الحرج في التعريض في النكاح دل على أن التعريض بالقذف لا يوجب الحد، لان الله سبحانه لم يجعل التعريض في النكاح مقام التصريح.
قلنا: هذا ساقط لان الله سبحانه وتعالى لم يأذن في التصريح بالنكاح في الخطبة، وأذن في التعريض الذي يفهم منه النكاح، فهذا دليل على أن التعريض يفهم منه القذف، والاعراض يجب صيانتها، وذلك يوجب حد المعرض، لئلا يتطرق (2) الفسقة إلى أخذ الاعراض بالتعريض الذي يفهم منه ما يفهم بالتصريح.
السادسة - قوله تعالى: (علم الله إنكم ستذكرونهن) أي إما سرا وإما إعلانا في نفوسكم وبألسنتكم، فرخص في التعريض دون التصريح. الحسن: معناه ستخطبونهن.
السابعة - قوله تعالى: (ولكن لا تواعدوهن سرا) أي على سر فحذف الحرف، لأنه مما يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف جر.
واختلف العلماء في معنى قوله تعالى: " سرا " فقيل، معناه نكاحا، أي لا يقل الرجل لهذه المعتدة تزوجيني، بل يعرض إن أراد، ولا يأخذ ميثاقها وعهدها ألا تنكح غيره في استسرار وخفية، هذا قول ابن عباس وابن جبير ومالك وأصحابه والشعبي ومجاهد وعكرمة والسدي وجمهور أهل العلم. " وسرا " على هذا التأويل نصب على الحال، أي مستسرين. وقيل:
السر الزنا، أي لا يكونن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزوج بعدها. قال معناه جابر