كما قال " فالتقطه آل فرعون ليكون عدوا وحزنا " 1) ولم يلتقطوه إلا ليكون قرة عين لهم.
وقوله " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها " 2) إخبار عن قدرته أنه قادر.
على أن يلجئ الخلق إلى الهدى والإيمان، لكن لا يفعل ذلك لأنه ينافي التكليف وينتقض الغرض به، وجرى ذلك مجرى قوله " إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين " 3).
وكذلك كل آية يتعلقون بها فالوجه فيها ما قلناه في هذه الآية، نحو قوله " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " 4) وقوله " ولو شاء الله لهدى الناس جميعا " 5) وما يجري مجرى ذلك من الآيات، فالوجه فيها ما ذكرناه.
فلا نطول بذكرها، وقد بينا الوجه فيها جميعه في تفسير القرآن مستوفى لا يحتمل ذكره ههنا.
وقولهم " لو أراد من خلقه الإيمان والطاعة وما لا يقع للحقه بذلك وهن وضعف ونقص، لأن الملك إذا أراد من رعيته ما لا يقع دل على ضعفه " باطل، لأن الأمر بخلاف ما قالوه في الشاهد، لأن السلطان متى أراد من رعيته ما يعود نفعه عليهم لا عليه فلم يقع أو وقع خلافه لا يلحقه ضعف ولا نقص، وإنما يجوز أن يقال ذلك فيما يعود نفعه عليه من نصرته والدفاع عنه مما يستضر بفوته، والقديم تعالى لا يريد إلا ما بكون نفعه للخلق دونه تعالى لاستحالة النفع عليه.