فإن قيل: إذا كان هو عالما بأن عليا منصوص عليه فلم أراد مبايعته؟
قلنا: أراد أن يحتج عليهم من الطريق الذي سلكوه، لأنهم طلبوا الإمامة من جهة الاختيار والبيعة دون النص فأراد أن يحتج عليهم بما أقروا به وعلموه دون ما لم يذكروه.
ومتى قال: إنه أولى بالمقام لأنه عمه والعم وارث. باطل، لأن الإمامة ليست مورثة بلا خلاف لأنها تابعة للمصالح كما أن البيعة مثل ذلك.
فإن قيل: لو كان أمير المؤمنين منصوصا عليه لوجب أن يحتج به وينكر على من دفعه بيده ولسانه، ولما جاز أن يصلي معهم ولا أن ينكح سبيهم ولا يأخذ فيئهم ولا يجاهد معهم، وفي ثبوت جميع ذلك دليل على بطلان ما قلتموه.
قلنا: المانع لأمير المؤمنين عليه السلام من الاحتجاج بالنص عليه الخوف بما ظهر له من الإمارات التي بانت له من إقدام القوم على طلب الأمر والاستبداد به واطراح عهد الرسول مع قرب عهدهم به وعزمهم على إخراج الأمر عن مستحقه، فأيسه ذلك من الانتفاع بالحجة وخاف أن يدعو النسخ لوقوع النص، فتكون البلية به أعظم والمحنة به أشد، ولا يتبين لكل أحد أن نسخ الشئ قبل فعله لا يجوز.
وربما ادعوا أيضا أن ما ذكروا من النص لا أصل له فتعظم البلية، لأن النص الجلي لم يكن بمحضر الجمهور بل كان بمحضر جماعة لو نقلوه لا نقطع بنقلهم الحجة، فلو جحدوه لدخلت الشبهة على الباقين.
وأما ترك النكير عليهم باليد فلأنه لم يجد ناصرا ولا معينا، ولو تولاه بنفسه وخواصه لربما أدى إلى قتله وقتل أهله وخاصته، فلذلك عدل عنه، وقد بين عليه السلام ذلك بقوله: أما والله لو وجدت أعوانا لقاتلتهم. وقوله بعد بيعة