قلنا: لا نقول إن جميع الصحابة دفعوا النص مع علمهم بذلك، وإنما كانوا بين طبقات: منهم من دفعه حسدا وطلبا للأمر، ومنهم من دخلت عليه الشبهة فظن أن الذي دفعوه لم يدفعوه إلا بعهد عهد الرسول " ع " وأمر عرفوه ومنها أنه لما روي لهم قوله " الأئمة من قريش " ظنوا أن الأخذ باللفظ العام أولى من الخاص فتركوا الخاص وعملوا بالعام، وبقي قوم على الحق متمسكين بما هم عليه [فلم يمكنهم مخاصمة الجمهور ولا مخالفة الكل فبقوا متمسكين بما هم عليه] 1)، قصاراهم أن ينقلوا ما علموه إلى أخلاقهم، فلا يجب من ذلك نسبة الأكثر إلى الضلال.
على أن الله تعالى أخبر عن أمة موسى وهم أضعاف أمة النبي عليه السلام أنهم ارتدوا حتى مضى موسى إلى ميقات ربه وعبدوا العجل مع مشاهدتهم لفلق البحر وقلب العصا حية واليد البيضاء وغير ذلك من المعجزات الباهرات، وما غاب عنهم موسى إلا أياما قلائل، فكيف يتعجب من طائفة قليلة تدخل عليهم الشبهة ويندفع قوم منهم لدفع الحق، وقد قال الله تعالى " ومن آمن وما آمن معه إلا قليل " 2) وقال " ولكن أكثرهم لا يعلمون " 3)، " ولكن أكثرهم للحق كارهون " 4)، وقال " وقليل من عبادي الشكور " 5)، فلم يذكر الكثير إلا ذمه ولم يذكر القليل إلا مدحه.
فأين التعجب من ذلك وقد قال الله تعالى " وما محمد إلا رسول قد خلت