الناس إلى وضع فضيلة غير الذي يدعو عليها الآخر، لأن الاتفاق في مثل ذلك مستحيل في العادة على ما بيناه.
ولو كان أحد هذه الأشياء حصل في الوسائط الذين بيننا وبين النبي عليه السلام لعلم ذلك، كما لو كان في الطرف الذي بيننا لعلم. ولو كان الأصل فيهم واحدا ثم انتشر لعلم الوقت الذي حدث فيه ومن المحدث له وما الذي دعاه إليه، كما علم سائر المذاهب الحادثة بعد استقرار الشرع، كمذهب الخوارج والمعتزلة والجهمية والكلابية والنجارية وغير ذلك من الفرق، وكما علم فقه أبي حنيفة ومالك والشافعي وأنه لم يتقدمهم أحد قال به على ما ذهبوا إليه وجمعوه، فكان يجب أن يعلم النص مثل ذلك ومن القائل به، وإذا لم يعلم ذلك دل على أنه متصل.
وقولهم: إنه علم ذلك وإنه وضعه في هشام بن الحكم وابن الراوندي.
باطل، لأن القائلين بالنص كانوا قبل هشام وكتبهم معروفة في ذلك، وأما ابن الراوندي فهو متأخر كثيرا وشيوخ الإمامية قبله معروفون، ولو كان الأمر على ما قالوه لما حسن مكالمتهم كما لا يحسن مكالمة من يحدث مقالة فيقول بإمامة ابن مسعود وأبي هريرة أو غير ذلك، لأن الإجماع سبقهم فلا يلتفت إليه، وفي حسن مكالمتهم لنا ووضعهم الكتب علينا دليل على فساد قولهم هذا فإن قيل: لو كان هذا النص صحيحا لعلم صحته ضرورة كما علمت هجرة النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة، وكما علم أن في الدنيا مكة وبلد الروم وغير ذلك من أخبار البلدان.
قلنا: ليس العلم بمجرد الإخبار عندنا ضرورة، بل هو مكتسب عند أكثر أصحابنا، وعند قوم أنه مشكوك فيه. فأما العلم بالنص فمستدل عليه قطعا ويجري العلم به كالعلم بمعجزات النبي عليه السلام التي هي سوى القرآن، وليس إذا