غير الكلام في التعيين. ومثل ذلك إذا علمنا أن من شرط النبي أن يكون معصوما في الجملة ثم علمنا نبوة نبي بعينه قطعنا على عصمته.
ولك أن ترتب على وجه آخر فنقول: إذا ثبت أن من شرط الإمام أن يكون معصوما ووجدنا الأمة بعد النبي صلى الله عليه وآله بين ثلاثة أقوال: [قائل يقول بإمامة أبي بكر] 1)، وقائل يقول بإمامة العباس، وقائل يقول بإمامة علي عليه السلام. ولا قول رابع يعرف، وكل من قال بإمامة أبي بكر أو بإمامة العباس لم يجعل من شرط الإمامة العصمة، فينبغي أن نسقط قول الفريقين ويبقي قول القائلين بإمامة علي، وإلا خرج الحق عن الأمة وذلك لا يجوز.
ولك أن ترتب مثل هذا في كونه أكثر ثوابا عند الله، ولا أحد من الأمة يقطع على أن أبا بكر أو العباس أكثر ثوابا عند الله، لأن القائلين بكون أبي بكر أفضل يقولون إنه أفضل في الظاهر وعلى غالب الظن، فأما على القطع والثبات عند الله فليس بقول لأحد، ومتى نازع فيه منازع دللنا على أن عليا عليه السلام أفضل الصحابة ليسقط خلافه.
ولك أن ترتب مثل ذلك في كونه أعلم الأمة بالشرع وتقول: إذا ثبت أن من شرط الإمام العلم بجميع أحكام الشريعة فليس في الأمة من يذهب إلى إمامة من هو أعم الأمة وأنه عالم بجميع أحكام الشرع إلا القائلون بإمامة علي عليه السلام، لأن القائلين بإمامة أبي بكر لا يدعون فيه ذلك وإنما يقولون هو من أهل الاجتهاد، وكذلك القائلون بإمامة العباس، بل ليس عندهم من شرط الإمام أن يكون أعلم الأمة.
وهذه طرق عقلية اعتبارية لا يمكن إفسادها إلا بالمنازعة في الأصل الذي بني عليه، والخلاف في ذلك يكون كلاما في مسألة أخرى.